
إنّه انتظار بين موتَين، وبينهما تبقى حياتنا مشرّعة على الجحيم. ننتظر انفجاراً جديداً يودي بأهل وأخوة وأبناء وأحبّة هم أبناء وطننا وفقراؤه ومعذّبوه.. لا شيء يلوح في الأفق، لا وميض ضوء في نهاية النفق... نتساءل بألم وحسرة كم من الانفجارات ستحصل ويدفع ثمنها أهلنا وأحبّتنا ووطننا لكي نعي ونتّعظ ونجنّب بلدنا الحريق الكبير المندلع في المنطقة، ويمتدّ إلينا ليحرق بلدنا وأهلنا... كم من الوقت سيمضي وكم من الدمار والموت سيحصل لنعي أن لا خلاص لنا إلا بوحدتنا وتماسكنا وتمسّكنا بمؤسّساتنا الدستوريّة، الوحيدة القادرة على حمايتنا وحماية لبنان من ذلك الجحيم الذي يلفّ المنطقة ويحيط بنا.
كم انفجاراً يجب أن ننتظر لكي يجتمع مجلس الوزراء ويلتئم مجلس النوّاب ويتمّ انتخاب رئيس للجمهوريّة؟ وكم شهيداً يجب أن يسقط لكي يقتنع الجميع أنّ الدولة بمؤسّساتها الأمنيّة هي الوحيدة القادرة على حماية الجميع؟ وكم من الوقت يجب أن يمرّ لكي ندرك أنّ الحقد والكراهية لا يبنيان وطناً ولا يصنعان سلماً ولا ينصران قضيّة؟ وأنّ مصطلحَي "التعايش" و"الشراكة" يجب أن يرتقيا إلى مصطلح أعمق وأشمل هو "المواطنة" التي تلغي الفوارق الطائفيّة والمناطقيّة والعنصريّة بين الناس.
"عين السكّة" في برج البراجنة محطّة جديدة من محطّات الموت والدمار، تُضاف إلى أسماء المناطق الأخرى التي سبقتها، والشهداء الذين نتعرّف إليهم بعد كلّ انفجار تُضاف أسماؤهم أيضاً إلى اللائحة الطويلة التي تتضاعف أرقامها تفجيراً بعد تفجير...
في هذه اللحظات العصيبة التي يمرّ بها لبنان، لا يسعنا إلا الترحّم على الأرواح البريئة التي سقطت والدعاء بالشفاء للجرحى والابتهال إلى الله.. اللهم نجِّ وسلّم.
*رئيس تحرير مجلة المغترب، النص عن الفايسبوك..
مقال كويسة
ردحذف