محمد الحجيري*... في المجلس كما في الحكومة احتكار "الحق" في التفعيل... والتعطيل

alrumi.com
By -
0
احوال السياسة في لبنان
خاص الرومي
بعد السابع من أيار المشهود، ذهب أركان السلطة إلى الدوحة واتفقوا.. لقد كانوا يختلفون على كل شيء تقريباً لكنهم ذهبوا واتفقوا على شيء واحد: هو تقاسم السلطة، وعدم السماح باختراقاتٍ ولو بسيطة من قبل غيرهم.. ما يعبّر عن هذه الحقيقة هو قانون الانتخابات النيابية، والتقسيمات الإداريّة..
لم يتفقوا يومها على قانون النسبيّة، مع أن بعض أطراف السلطة يلمح اليوم إلى القبول بهذا القانون..
لقد اتفقوا على التقسيمات الإدارية في بيروت بما يؤمّن الحصص لطرفيّ السلطة. وفي بعلبك الهرمل أُعطيَ حزب الله الحافلة التي تؤمّن له قائمة من عشرة نوّاب، بينما ضحى حزب الله بالمقابل بحليفه أسامة سعد في صيدا.. وهكذا..
ولمّا لم تطابق حسابات بيدر حزب الله حسابات حقله، استعان برصيده الاحتياطي من خلال "القمصان السود"، ودخل وليد جنلبلاط المنطقة الرماديّة حين استشعر بالأخطار المحدِقة. ثم فُرِضت حكومة نجيب ميقاتي، التي تمّ التخلي عنها لاحقاً بسبب عدم قدرة أطرافها السياسية على إدارة البلد بشكلٍ منفرد.
.. هذا المجلس الذي اتفقوا حينها على تقاسم قطعة الجبنة بموجبه، مُنِع من القيام بوظيفته الأساسية في هذه المرحلة، وهي انتخاب رئيسٍ للجمهورية، لأنه لن يأتي برئيس للجمهورية مطابق للمواصفات كما يريدها حزب الله.
هذا يعني ممارسة تعطيل المؤسسات بحكم الأمر الواقع حين يتعارض قيام المؤسسات بوظيفتها مع مصالح بعض الأطراف الوازنة.
اليوم يتم طرح قانون انتخابات يقوم على مبدأ النسبيّة.. وهذا أمر جيّد. وذلك لسبب رئيس، أنه يسمح لبعض القوى خارج اصطفاف الثامن والرابع عشر الآذاريّين من اختراق الندوة البرلمانيّة، وبالتالي كسر احتكار استفراد الآذاريين بهذه الندوة (إذا استثنينا حالة وليد جنبلاط الذي يحافظ دوماً على هامش من المناورة، حسب ظروف المرحلة).
لكن كيف تحسب القوى الآذارية ما يترتّب على هذا التعديل المنتظر؟
في ميزان الربح والخسارة، هناك خسارة لطرفي المعادلة الآذاريّة، من خلال كسر احتكارهم شبه المطلق للمجلس النيابي.
أما في التفاصيل، فإن الخاسر الأكبر سيكون قوى الرابع عشر من آذار. لأن مكامن الاختلال ستكون أساساً في البيئتين الانتخابيتين السنيّة والشيعيّة.
ففي حين يحتكر حزب الله وحركة أمل بشكلٍ شبه كامل النفوذ في البيئة الشيعية، رغم أن المزاج العام لمثقفي هذه الطائفة هو في مكان آخر، فإن قدرة تيار المستقبل على مثل هذا الاحتكار ستكون أقل بكثير، بسبب وجود العديد من زعامات الدرجة الثانية في هذه الطائفة، والتي استفادت بشكل أساسي من الدعم المادي باشكاله المتعددة لهذه الزعامات، مثل عبد الرحيم مراد في البقاع، وفيصل كرامي مع بعض الوجوه الأخرى في الشمال، وأسامة سعد في الجنوب..
المحصّلة ستكون إذاً، أن قوى الثامن من آذار إذا سمحت بدخول بعض الأسماء غير المحسوبة على الثامن والرابع عشر من آذار إلى المجلس النيابي، فإن ذلك سيكون حتماً على حساب غريمها: قوى الرابع عشر من آذار.
وسيكون المستفيد الأول من ذلك هو تيار العماد ميشال عون الذي سيستفيد في هذه الحالة من تجيير الأصوات الشيعيّة لصالحه بعد الحديث عن تراجع كبير في المزاج المسيحي المؤيد له..
بينما ستكون قوى الرابع عشر من آذار في النتيجة أمام تراجع واضح لنفوذها في المجلس، وستكون أمام خصمين: قوى الثامن من آذار المحافظة على وزنها كما هو، والقوى الجديدة الداخلة إلى جنّة المجلس. وفي أحسن الحالات، أي في حال تحالفها مع هذه القوى الجديدة (هذا إذا افترضنا أن هذه القوى هي موحّدة الموقف)، فإن المعادلة في حالتها القصوى، ستكون كما هو الوضع الحالي.. وهذا أمر قليل الترجيح..
هذا السيناريو المفترض ربما يساعد على فهم موقف كل من فريقي الثامن والرابع عشر من آذر من تعديلات القانون الانتخابي المتقرحة.
السؤال المهم برأيي هو التالي: ماذا لو تغيّرت التحالفات، وانتقل التيار العوني إلى تحالفاتٍ أخرى، تعتمد على النجدة الوافدة من الناخب السنّي بدلاً من استقوائها الآن بحليفها الحزباللهي؟
إن احتمالاً كهذا سيجعل الأرجحية واضحة في المجلس النيابي لمصلحة قوى الرابع عشر من آذار.
كيف سيكون سلوك حزب الله في مثل هذه الحالة؟
أظن أن سلوكه في هذه المرحلة يقدم جواباً عما سيكون عليه سلوكُه في الحالة المفترضة: ممارسة التعطيل.
إن التعديلات الاستراتيجية المقترحة على قانون الانتخابات، سيتم توظيفها مرحليّاً من قِبَل حزب الله وحلفائه. بينما هذه التعديلات لن تكون على المدى الطويل لصالح حزب الله، ولا لصالح أية قوة طائفيّة.. وحين لا تعود كذلك، سيلجأ حزب الله إلى "حقّه" في التعطيل.
هل من آليّة تصادر هذا "الحق" من الجميع؟


*استاذ ثانوي 
9/9/2015
Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)