“أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملّح؟! لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يُطرح خارجًا ويُداس من الناس” (متى 5: 13).
m
كان توقيت حملة #طلعت_ريحتكم سيئاً. جاءت الاحتجاجات في فترة حرجة جداً، تُهاجر في مثلها بعض كائنات هذا الكوكب بين العواصف القاتلة من قارة إلى أخرى. كان زعماء لبنان يبيضون. سامي أمين الجميل بات رئيساً للكتائب خلفاً لأبيه، وكذلك فيصل عمر كرامي وطوني سليمان فرنجية وتيمور وليد جنبلاط، وانتشرت الأقاويل عن عمليات توريث أخرى لم يُحددها رأس الهرم التناسلي بعد، وبات جواد حسن نصر الله لاعباً سياسياً واعلامياً. سبقهما في هذه الرحلة سعد رفيق الحريري وميشال رينيه معوض ونديم بشير الجميل وكثيرون غيرهم. كانت “الاستحقاقات” التناسلية مهينة للحزبيين إلى حد أن زعيم التيار الوطني ميشال عون حرم أعضاء تياره حتى من حق الاختيار بين الصهرين. كانت جريمتهم أنهم فضلوا صُهراً يُشبه زعيمهم، كانوا أكثر حرصاً من الناحية الجينية. إهانة على إهانة.
كان التوقيت سيئاً لدرجة أن الحراك عطّل جهوداً فنية حثيثة لتعويم الورثة. أناشيد ثورية تُمجد الخالق ومعجزاته التناسلية، لفيصل كرامي وسامي الجميل وجبران باسيل (يأتي مرفقاً مع الكتاب المصور للأطفال).
في بلد طبيعي، تُطلق حفلة توريث جماعية كهذه ثورات، لا واحدة. والمفارقة أنها تأتي في ظل مجلس مدد لنفسه مرتين بحجة أن الانتخابات غير ممكنة بسبب “الوضع الحساس”. كيف يسمح هذا الوضع الحساس بالتوريث وليس بالانتخاب؟ يحتاج التوريث بحسب تجاربنا السابقة في الجمهورية اللبنانية، إلى عملية تدريب على التهجئة والإملاء، ناهيك عن ادارة بلد أفلسه ودمره آباؤهم في الحرب وما بعدها.
منظمو #طلعت_ريحتكم، وهم كانوا بين مئات تعالت أصواتهم رفضاً للتمديد، أفسدوا الحفلة التناسلية الجماعية في البلد. هذه أكبر مؤامرة على التاريخ البشري منذ أيام نوح!
هكذا تآمر عماد بزي وأسعد ذبيان ومروان معلوف وجوي خوري وغيرهم. هكذا بشحطة قلم ملوك التخوين، صار بزي مسؤولاً عن ثورات يوغوسلافيا وآسيا الوسطى وأوكرانيا، وبات ذبيان قائد جيش الفتوحات!
لبنان مفلس، لديه ديون تقترب من ضعفي ناتجه المحلي، ولا سياحة في الأفق، وسياسيوه وعائلاتهم من أثرى سياسيي العالم وأكثرهم فساداً، ناهيك عن تاريخهم الدموي في حرب قتلت عشرات الآلاف. مؤسسات الأمن والاقتصاد موزعة عليهم، ولدى كل منهم دويلة بمؤسساتها الأمنية والعسكرية والمالية خارجها.
أن تسرق المليارات، وتورث عائلتك المال والسلطة والبلد، وأن تُغرقنا بالنفايات والأمراض والفقر والعوز والعتمة وتُقبل أيادي زعماء دول خارجية وتقبض منهم المال وترفع صورهم على الملأ، وتحرّض طائفياً وترهن مصائرنا ومستقبلنا لتوافقات خارجية واتفاقات نووية، أكبر مؤامرة وأكبر إهانة. أنت المؤامرة وأنت الإهانة!
No related posts.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق