Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

جان دبغي... المثقف والسياسة والفساد

خاص الرومي سأحاول استخدام عدد من افكار  جورج أورويل، اليساري الديمقراطي والروائي والصحفي البريطاني، لوصف الحالة اللبنانية في الوقت الح...

خاص الرومي

سأحاول استخدام عدد من افكار  جورج أورويل، اليساري الديمقراطي والروائي والصحفي البريطاني، لوصف الحالة اللبنانية في الوقت الحاضر، وصف المشهد السياسي على ضوء " مظاهرات الاحتجاج " او " الحراك الاجتماعي " او مهما كان المسمى. 

اول ما يلفت النظر في احداث لبنان هو اعتلاء "النخب المثقفة" هرم الحراك - التظاهري، هو احتلال المنابر الاعلامية بشتى ادواتها من قبل المتعاطين بالتفكير المكتوب، والذين يحاولون "التأثير" على "الرأي العام" المفترض، وهو رأي فضفاض مشتت في غالب الاحيان في جمل وكلمات "ستريوتيب". 

بالطبع، اذا حاولنا ولو بشكل سريع، لان الحدث مستمر وليس هناك معطيات نقية وصافية يمكن الاعتماد عليها في التحليل، وصف قيادات "الحراك" من وجهة نظر اجتماعية، يمكن القول انها في غالبيتها من اصحاب المهن الحرة، من مستوى تعليمي عال، لهم تواصل مع العالم الخارجي الغربي، يستعملون ادواته في التعبير. لهم في الغالب علاقة تبعية مع اصحاب الثروات، ومترفعة تجاه العامة من مختلف الطوائف. التركيبة المهيمنة على العلاقات الاجتماعية لهذه الفئات هي علاقات شبكات (كما هو الحال في الغرب مع اختلاف ثقافي واضح) مبنية على المصلحة بالمعنى الحصري، لذلك، برغم انتقادها للانظمة الفساد والمحسوبية، لا يمكن استمرار الشبكة خارج هذا النوع من الانظمة .  

اذن، في البداية يتساءل أورويل: " كيف حدث ان المجتمع الرأسمالي الغني ينتج على ما يبدو طبيعيا نخبة مثقفة غير سعيدة اشبه بالثالولة"؟  يجيب اورويل: "ان السبب هو ان هذه النخبة في مجتمع كمجتمعنا ليس لها وظيفة " يأتي هذا الرأي في اطار نقد للمجتمع البريطاني في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي. ويعتبر اورول ان الحالة هذه يمكن تعميمها على كل البلدان الغربية ، مفندا الاسباب بكثير من النقد والسخرية ، منها ان المجتمع لم يقم باي جهد لاعطاء مكان ما في التركيبة الاجتماعية لرجل يفكر فقط . في حال كان لبعض  مهنة يعتاش منها، يرجع ذلك الى ان اصحاب الثروات، الذين ملأوا جيوبهم من الريع، استثمروا الفائض في فتح معارض للفنانين او تأسيس مجلات ادبية وفكرية وصحف. هذه هي حالة عدد لا يستهان به من اصحاب الاقلام . لكن المفكر الذي ينحصر عمله بالتفكير شعر انه غير مفيد .

في اطار جهد اكبر لصياغة المسرح العام لافكاره حول هذا الموضوع، يرسم اورويل صورة كاريكاتورية ، حسب وصفة، لـ"الديمقراطية الرأسمالية" على انها كالاتي: فوق توجد طبقة غنية يعيش القسم الاكبر منها على الريع، يعيش في حاضنها جيش كبير من اصحاب المهن والموظفين والفنيين واصحاب المهن الحرة من اطباء ومهندسين.. الخ. وتشمل هذه الحاضنة  "انتلجنسيا طفيلية"، التي تحول بين مرة واخرى " سب من يخصص لها اجر شهري"! هذه الفئة لها مستوى حياة رفيع لا تستحقة بالفعل ولكن يسمح لها استهلاك كل كا هو جديد ، على حساب الفئات الفقيرة . 

* باحث

ليست هناك تعليقات