فايسبوك
يوميات مهاجر
10 يوليوز 2015
«[..]
في ساحة هارفرد سكوير. في الجهة الخلفية من جامعة هارفرد. كان الروسي بيتر، عازف القيثارة، يجلس على كرسيه الواطئ وهو يعزف مقطوعتي المفضلة ”لامبادا“. تبادلنا التحية، بعد شهور من الغياب، ثم قال لي: "توفي عمر الشريف اليوم، بطل الدكتور زيفاكو...! ...سأعزف مقطوعة لذكرى عمر وزيفاكو معا!"
في هذا الفضاء كانت ويتني هوستون مشردة تأتي كل مساء، في الصيف، كي تغني لتجمع صدقات العابرين إلى أن التقطها رجل كأنه يد الله فغير حياتها..!
العالم ليس ما نعرفه، وإنما هو هذا اللامفكر فيه الذي يقودنا إلي حيث لم نكن نعلم أننا على موعد مع حياة أخري. عثرة الوقت. حظ. قدر. سر الغيب والإله...
بين هارفرد وإم آي تي يروق لي أن أعبر شارع ماساف عند غروب الشمس، بعد أن أتوقف قليلا أمام نادي الزوارق الشراعية التابع لإم آي تي.. وأشرع في تتبع أشباح كل الذين مروا من هنا.. إمرسون، طورو، بورس، إدغار بو، خليل جبران، إدوار سعيد.. وملايين الطلبة والسائحين الذين مروا ولازلوا...وعبد الواحد صديقي المغربي الذي التقيته قبل حوالي عشر سنوات ورُحِّل إلي المغرب لإدمانه شرب الخمر وسرقة الكتب! مشردون. تائهون. هائمون. عاشقون. وبين الفينة والأخري يتوقف عاشقان ليتبادلا القبل في سلام... ولاأحد يعكر مزاجهما... وأنا أتساءل: ” هل يمكن للكائن البشري أن يحيا بلا حب!“
”هو الحب، جلوس تلك الشاردة على عتبة محطة الميترو.. هو الحب، هذا الحنين الذي يغمرني كصوت العاشق في مدن المتوسط، وهدير الموج في خليج مالاباطا.. هو الحب، هذا السفر الذي لا ينتهي... هو الحب، هذيان لاعب الشطرنج الذي يجلس إلى يساري وهو يداعب بشبق غليونه وأنا أتشوق لإشعال سيجار كوبي وصحتي لا تسمح..! هو الحب، أن تشتعل شوقا وتنمو في خيالك زهرة الذكرى وتبحر في المسافات...!
[...]
في كامبريدج.. في ساحة هارفرد سكوير، حيث تمتزج الأرواح والذكريات والتواريخ، وتحت نور ضوء خافت تدرك أن الفن وحده قادر أن يساعدك على تجاوز التعب... وتقتنع أكثر أن الفن وحده يمكنه أن يغير وجه العالم في خيالك... فكيف يقنعك وطن جل مسؤوليه يتناوبون على تجريم الجمال والفن ويهددون بإعلاق كليات الآداب...
تعالوا أيها الأنذال لتتعلموا كيف يصنع وجه العالم من رحم الفن...!
[...]»
*في الصورة عازف القيثارة الروسي (ساحة هارفرد سكوير)
التقطت الصورة بإذنه