حسين الموزاني*(بحيرة "ليتسنزي" Lietzensee البرلينية و"بحيرة البجع")

alrumi.com
By -
0
فايسبوك

جولة أخرى حول بحيرة "ليتسنزي" Lietzensee البرلينية و"بحيرة البجع":
ثمّة سيّدة تجلس بين حقلين من الزهور وتقرأ في كتاب على ضفة بحيرة "ليتسنزي" الهادئة الصغيرة قرب بيتي في برلين. ونرى في الصورة الثانية مقهىً يطلّ على البحيرة وتعوم أمامه وزتان بيضاوان. وتسمي العرب الإوز بجعاً، ولذلك جاءت تسمية "سمفونية البجع" لتشايكوفسكي بدلاً من "بحيرة الإوز". وأظنّ أن الإوز أصحّ، وذلك لعدة أسباب أولاً هو أننا نجد إشارة وافية للإوز في "رسالة الغفران" للمعريّ، حيث يقول: "وكذلك إياس بن الأرت، إن كان عجب لأباريق كإوز الطف، فإن الحوادث بسطت له أقبضَ كفّ، فكأنه ما قال: كأن أباريقَ المدامة بينهم/ إوزٌ بأعلى الطفّ عوج الحناجر" ولم يقل البجع، حتّى وإن كان البجع أعوج الحنجرة أيضاً، لكنّه أراد تشبيه أبريق الخمر بعنق الإوز الطويل الرشيق، وهي صورة شعرية في غاية الروعة والدقّة. والبجع طائر جميل أيضاً ولطيف ويستوطن الأهوار جنوب العراق، حيث ولدت، لكنه لا يمتلك جمال الإوز، ومنقاره ضخم ويبتلع سمكة كبيرة يمكن أن تكون عشاءً لأسرة كاملة. ثانياً نحن نعلم بأنّ أساطير الإوز وصورها شائعة في الثقافة الأوروبية منذ زمن الإغريق، ولم تتحدث عن البجع قطّ وهناك لوحات شهيرة تتحدث عن هذه الأساطير في معظم المتاحف الأوروبية المعروفة. ثالثاً عندما كنت أدرس الصحافة في ألمانيا قبل أكثر ربع قرن كان لدينا "سمنيار" عن الدعاية والدعاية المضادة. وكان الاستاذ "بوخبندر" يعمل في مؤسسة خاصة بالدعاية والحرب النفسية، مقرّبة من وزارة الدفاع الألمانية. ويكاد يعرف كلّ شيء عن الشرق الأوسط والإذاعات السريّة في حقبة الحرب الباردة. فروى لنا ذات مرّة بأن عبد الناصر وأثناء حرب حزيران قرر تأسيس إذاعة سريّة تبثّ باللغة الإنجليزية وموجهة للجنود الإسرائليين ذوي الأصول الأوروبية. وقد بثّت ذات مرّة سمفونية بحيرة الإوز، لكنّها أطلقت عليها اسم Pelikan Lake، أي بحيرة البجع بدلاً من Swan Lake، فضحك الجنود الإسرائيليون واكتشفوا سرّ المحطة الإذاعية المصرية"، وضحك الطلّاب الألمان كلّهم إلا أنا. ولا أعلم لماذا الإصرار على تسمية هذه السمفمونية الشهيرة ببحيرة البجع بدلاً من الإوز؟ بس شيفيد الحجي، أكلّه تشوخ، يكول تشبن!


(*)
كاتب ومترجم عراقي مقيم في ألمانيا
Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)