هل تسمحون لي أن أتحدث صاحياً وليس سكرانَ كالعادة، فأعقد مقارنةً بين الشاعر حسين مردان وآية العظمى علي السيستاني؟ ولعلّكم ترون في ذلك إقح...
هل تسمحون لي أن أتحدث صاحياً وليس سكرانَ كالعادة، فأعقد مقارنةً بين الشاعر حسين مردان وآية العظمى علي السيستاني؟ ولعلّكم ترون في ذلك إقحاماً ما، وما إلى ذلك. لكنّنا سنتوخى الحيطة والحذر، آملين أن تصل رسالتنا إلى الأسماع والقلوب والضمائر بالدرجة الأولى. فكلّنا نعلم أنّ السيستاني أصدر فتوى جهادية بمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامة في العراق والشام" المعروف باسم داعش، وأن هناك نحو ستة ملايين ونصف مليون شخص لبّوا نداء المرجعية وتطوّعوا في فرق الحشد الشعبي. وتمّ اختيار حوالي مئة وعشرين ألفاً منهم، عملاً بقاعدة "الجهاد الكفائي". فدخل هؤلاء معركة "تحرير" تكريت" ثمّ جاء الأمر بإيقاف زحفهم نحو الرمادي والموصل و"تحريرهما" من داعش، لأنّ سكان هذه المناطق راضون بداعش ودينها وديدنها، قسراً أو طواعيةً، ويفضلون الداعشيين على قوات "الحشد الشعبي الشيعية". لكنّ السيستاني لم يصدر فتوى تحرّم التعامل من الحكومة العراقية العميلة والمتواطئة والفاسدة علناً وعلى رؤوس الأشهاد. ولم يطالب باقتحام المنطقة الخضراء، وكر عصابة الإجرام التي تطلق على نفسها ألقاب مثل برلمان وحكومة ووزارة، وهم كلّهم خونة وقتلة وفاسدون. والمرجعية الشيعية تعلم ذلك تماماً، لكّنها تركت الحبل على الغارب، بحجّة أنّ السلطة آلت أخيراً إلى "الشيعة" في العراق وذلك منذ عهد علي بن أبي طالب، وأنّ الحكومة "منتخبة ديمقراطياً". ولا أريد أن أطلق حكماً في هذا الشأن، لأنني لست سكران كما ذكرت، إنما أشير فقط إلى واقعة، نصفها مختلق ونصفها الآخر صحيح، على العكس من واقعة السيساتي التي هي صحيحة مائة في المائة. فبعدما نشر حسين مردان ديوانه الأوّل بعنوان "قصائد عارية" ذاع صيته في بغداد بين الأوساط الأدبية، واعتبروا ما يكتبه شعراً ونثراً جديدين. وقد جاء في إحدى قصائده: "أبليس والكأس والمأخور أصحابي/ نذرت للشبق المحموم أعصابي/ من كلّ ريّانةِ الثديين ضامرةٍ/ تجيد فهم الهَوى بالظفر والنابِ"، فرفعت الحكومة العراقية الملكية آنذاك، وعلى الرغم من أنّها كان تقيم وزناً للأدب والثقافة، على العكس من حكومة الخونة والجهلة اليوم، رفعت دعوى قضائية ضدّه بحجة "شرعنة الأباحية والتنظير للانحطاط". ونجحت السلطات الملكية في إدخال حسين مردان إلى "سجن بغداد المركزي" السيء الصيت وذلك في عام ١٩٥٢. وكان السجن يضمّ عدداً من الشيوعيين ومنهم باقر إبراهيم الموسوي، وكان أحد قادة الحزب. وذات يوم رأى حسين مردان سجيناً قد أدخل السجن لأسباب أخلاقية مثل حسين مردان، رآه يعتدي على سجين كبير في السنّ ونحيل الجسد، وصار الرجل القوّي البنية يوجّه لكماته إلى السجين الضعيف بعنف، دون أن يتحرّك أحد من السجناء، شيوعيين أو غير شيوعيين، كعادة العراقيين اليوم أيضاً، لينقذ المسكين من لكمات هذا "الشقاوة، القبضاي، الفتوّة". فتدخل حسين مردان ليفصل بينهما، فزعق به القبضاي: "لك، جرّ حبلك أجرب، ترى أطلّع سبعين ملك من طيزك!" فتراجع حسين مردان مهاناً منكسراً، ولبث أياماً طويلة لا يتحدث مع أحد. وشاء القدر أن يدخل أحد الأشقياء المعروفين بقربهم من الحزب الشيوعي العراقي السجنَ، وحالما رأى حسين مرادن تهلل فرحاً وهجم عليه وهو يتهف "لك صدك، جذب، هاي أنت أبو علي هنا؟!" فرد عليه حسين مردان: "عيني قبل ما تسلّم عليّ، شايف هذا الجثل أبو العضلات الواكف هناك"؟ وأشار إلى مكان "الشقاوة"، "أريدك تطلع لي بس ملك واحد من طيزه"! والآن نعود إلى علي السيستاني ونقول له: يا آية الله العظمى، بلكي تطلّع لنا ملك واحد من طيازة ساسة المنطقة الخضراء؟
ليست هناك تعليقات