Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

محمد حجيري: الطبخ كقصيدة بصرية

هذه المقال(ادناه) نشرته قبل مدة في جريدة "الجريدة" الكويتية التي غادرتها، كان المقال في مدح الطبخ وثقافته، وها أنا الآن أعيد نشر...


هذه المقال(ادناه) نشرته قبل مدة في جريدة "الجريدة" الكويتية التي غادرتها، كان المقال في مدح الطبخ وثقافته، وها أنا الآن أعيد نشره من بوابة مدح الطبخ كبديل عن سموم وسائل الاعلام اللبنانية والعربي، فمنذ مدة بت أفضل قناة "فتافيت" على سموم الأخبار اليومية، وجحيم التوك شو، ورتابة الدراما العربية والتركية، وتفاهة البرامج الاجتماعية التي تغلّب السخافة والسفالة على المنطق والواقع...
 برامج الطبخ فيها قدر من معنى الوجود في مرحل حتى شفتي المذيعة جيسكار عازار لم تعد تكفي للتخفيف من الأخبار المسممة مساء كل يوم.

هنا المقال المستعاد:
بعض الطهاة من خلال برامجهم التلفزيونية، التي بدات تنهي خطواتها الاولى في استوديوهات القنوات الفضائية ، يجعلون من تحضير الوليمة أو الطبق قصيدة بصرية جميلة.
 والوليمة في صحنها أو طبقها على الشاشة،  هي أشبه بحلم في لحظة من اللحظات، خصوصا في رمضان ولم يعد غريباً أن نجد مثقفاً يصدر كتاباً عن الطبخ مثل كتاب "مطبخ زرياب" للكاتب السوري فاروق مردم بك، وقد صدرت عن دار "أكت سود" الفرنسية سلسلة كتب بعنوان "الشرق النهم"، نُشر منها حتى الآن 12 كتاباً لمؤلفين عرب وأجانب من ضمنها "المطبخ العباسي"، ترجمه ونشره رياض الريس بعنوان "مطبخ الخليفة"، و"المطبخ العثماني" لكاتب تركي، وكتاب عن المطبخ الحلبي، وآخر عن المطبخ الدمشقي والكسكس في المغرب، وثمة الكثير من الروائيين اغدقوا في وصف الطعام في رواياتهم مثل الياباني هاروكي موراكامي في "الغابة النروجية" والتركية أليف شافاق في "لقيطة اسطنبول".  
 لم يعد بالإمكان التهرب من ثقافة الطبخ، خصوصاً بعد تحولها من مادة ورقية أو كتب إلى برامج بصرية تلفزيونية متكاملة. لنتذكر أنه قبل سنوات، كان الشيف رمزي "ملك الشاشة على بياض" في تقديم الوجبات، واليوم أفل نجمه، وبات لكل محطة نجمها في الطهي، من الشيف شادي على قناة "المستقبل" إلى الشيف انطون على "تلفزيون لبنان»، ومنال العالم على شاشة أبو ظبي. ولكل طاه شخصيته ولغته وطريقته، فمنال العالم تميل الى التقنية ربما بسبب الوقت المحدد لها على المحطة، والشيف انطوان بطريقته البلدية بات عنواناً لاستلهام لقطات كوميدية في برامج الضحك اللبنانية، أما ما تقدمه "تيتي لطيفة" في برنامج "على نار لطيفة" فهو أشبه بتطفل على عالم الطهي، لا مسوغ له ولا مبرر، فالسيدة "الحكواتية من دون حكايات" التي تستضيف كل يوم مواطناً (أو مواطنة) عادياً ليقدم تجربته في الطهي، لم تعد مقنعة في فكرتها، ولم يعد بامكانها جذب الجمهور إلى مشاهد روتينية لا تحمل ما يدعو إلى التوقف عنده، بل في مرات تدخل الزواريب الضيقة لهوية ضيوفها والمناطق الآتين منها.
 أيضا لم يعد حضور الطهاة على وقت محدد لهم على هذه المحطة أو تلك، فالوقائع أثبتت ان للطبخ جمهوره الكبير، وعلى هذا لم يكن غريباً أن تستورد المؤسسة اللبنانية للإرسال برنامج "ماستر شيف" لتقديمه في نسخة عربية لم تكن موفقة.
تعدّت الأمور ذلك، إذ أطلقت قناة متخصصة في الطبخ بعنوان "فتافيتط، لا تقدم سوى برامج الطبخ وقد حظيت بشعبية كبيرة خلال الفترة الماضية، وتختلط برامجها بين الطبخ المنزلي وطبخ المطاعم، والطبخ الشرقي والطبخ الغربي، وأحد الطهاة لا يتردد في الجمع بين طريقة تحضيره الطعام والكوميديا.
واطلقت شبكة قنوات "c.b.c" قناتها المتخصصة الجديدة "c.b.c سفرة" وهي قناة متخصصة في الطهي بمختلف أنواعه وجنسياته وطرق تقديمه، وتهدف إلى تقديم موسوعة عن المطبخ المصري في تاريخه ومستجداته.
وعلى هذا لا بأس في مديح الطبخ المتلفز، فالمطابخ في مختلف هويتها تحمل بين سطورها إشارات لثقافات عريقة لا تقل أهمية عن الكتب والفلسفات، وربما لهذه الأسباب وجدنا اسرائيل تحاول السطو على صحني التبولة والحمص.

ليست هناك تعليقات