بمناسبة "عيد ميلاد" الحزب الشيوعي العراقي وقرب موعد رجوعي النهائي إلى بلدي العراق بعد ٣٦ عاماً أمضيتها وحيداً في المنفى:...
بمناسبة "عيد ميلاد" الحزب الشيوعي العراقي وقرب موعد رجوعي النهائي إلى بلدي العراق بعد ٣٦ عاماً أمضيتها وحيداً في المنفى:
كلّنا نعرف قصيدة معروف عبد الغني الرصافي الذي نرى صورته هنا مع السيّدة أمّ كلثوم في بغداد عام ١٩٣٢، والتي يقول فيها: "علمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمّةٍ/كلّ عن المعنى الصحيح محرّفُ/ للإنجليز مطامعٌ ببلادكم/ لاتنتهي إلّا بأن تتبلشفوا"
فتبلشفنا مبكّرين ولم نكن نعلم بأنّنا دخلنا في دهليز "المناشفة" وتدليسهم، بل إنّنا خسرنا حتّى مناشف الحمّام. ويبدو أنّنا استلمنا النسخة السيئة من الشيوعية البلشفية، أو أن المهمة التي أوكلت لبلاشفتنا كان غرضها التمهيد لقيام دولة "إسرائيل" وتشريدنا من بلدنا، حتّى نموت وحيدين ومعزولين في المنافي. لكنّ هذه القراءة لتاريخ الحزب الشيوعي لا تفسد للودّ قضيّة، لأنّنا كنّا صادقين في نضالنا ومحاربتنا للطغاة وعملاء الاستعمار البريطاني والسوفيتي على السواء. والآن، عندما أقف على هذا الجبل الكبير من الذكريات والدماء والعظام أسأل نفسي: ما الذي تنتظره يا هذا من منفاك الألماني؟ فألمانيا أخفقت في أن تكون لي وطنٌ، وربّما أنا الذي أخفقت في الانتماء إليها. والمهم في الأمر هو أنّني أعدّ العدّة، وإن بشيء من التمهّل، للعودة نهائياً إلى بلدي العراق، وسأحارب الاستعمار وعملائه من هناك، وفي عقر داره، ولن أخشى أحداً. وسيكون مثلي الأعلى الرصافي نفسه الذي رفض التعامل من المستعمرين وأذنابهم، وصار يبيع السجائر على الرصيف. وعندما سألوه لماذا تبيع السجائر وأنتَ أعظم الشعراء العرب قامةً وقيمةً؟ فردّ عليهم بجملته الشهيرة: "بيع السجائر ولا بيع الضمائر". وكذلك أنا لم أبع صميري ثانيةً واحدةً، وسأعود إلى بغداد لأبيع السجائر على الرصيف، وربّما الكتب، أنّ أتاح لي أبناء جلدتي هذه الفرصة الأخيرة. وسأرفض أيّ راتب تقاعدي يأتيني من دولة العراق الفاسدة، وأرفض الكتابة في جرائده الفاطسة وأرفض حتّى بيعها في "بسطيتي" على رصيف شارع المتنبي.
ليست هناك تعليقات