Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

حسين الموزاني يكتب عن نفسه

دعوني أصنع دعاية لنفسي، فأقول إنني وضعت رواية باللغة الألمانية كانت في الأصل نصّاً قصيراً باللغة العربية. وتتحدث الرواية عن جندي عراقي هارب...

دعوني أصنع دعاية لنفسي، فأقول إنني وضعت رواية باللغة الألمانية كانت في الأصل نصّاً قصيراً باللغة العربية. وتتحدث الرواية عن جندي عراقي هارب من المعركة فينتحل شخصية أخرى ثمّ يدعي بأنه سليل أسرة ألمانية-فرنسية يعود نسبها إلى بيتر الراهب وهو شخصية تاريخية حقيقة وكان قسّاً متعصباً وأحد القادة الصليبين ويركب الحمار بدل الفرس. وكان يشبه فعلاً وجه الحمار، وسأنشر رسماً له ذات يوم، وكان يحب الخمر والسمك والنساء! على أية حال، تقع الراوية في ٢٧٠ صفحة من القطع المتوسط واعتبرها بعض النقّاد الألمان Masterpiece وكتبت عنها معظم الصحف الألمانية المهمة ونالت جائزة مرموقة إلخ. وحدث أن نشبت الحرب العراقية الأمريكية الأخيرة، فشاركتُ في عدد من الندوات التلفزيونية في المحطات الكبيرة إلى جانب مسؤولين ألمان كبار ومنهم وزير المالية الألماني الحالي فولفغانغ شويبله ورئيس الاتحاد الأوروبي الحالي جان كلود يونكر والممثل البريطاني الشهير بيتر أوستينوف. ومع ذلك فإن هذا الرواية لم تبع كثيراً، ولم تطبع طبعة أخرى ولم تترجم إلى لغة أخرى. فاحتار الألمان، الأصدقاء منهم والأعداء، واحتار معهم العرب والعراقيون خاصةً. وبدأت النظريات تتقاطر. فقيل إنّ القرّاء الألمان لم يربطوا بين شخصيتك في التلفزيون والرواية! فذكرتني هذه الحالة بقصّة لا بد من روايتها هنا: كان هناك مختار في مدينة الثورة العراقية الذي أطلق عليها صدّام حسين اسمه اغتصاباً فصارت "مدينة صدّام" ثمّ جاء الصدر فاطلق عليها اسمه اغتصاباً وتجنياً أيضاً فأصبحت "مدينة الصدر" Sadr City واعتبرها مقدسة، دون أن يرفع عنها الأزبال والفقر على الأقل. وكان قطاع خمسة وخمسين، حيث كنّا نقيم من أكبر قطاعات الثورة الثمانين. وكان حسين بديوي، وهو قريبي من ناحية الأمّ مختار هذا القطّاع. وقد بدأ حسين بديوي حياته شيوعياً على غرار أوّل فلّاح شيوعي في العراق وهو "فعل ضمد خشيّن الشرشاحي" من أهالي العمارة مثلي ومثل حسين بديوي الذي أصبح شيوعياً "خطراً". وتحوّل بمرور الوقت إلى أسطورة، وحكم عليه بالإعدام غيابياً بعد انقلاب الثامن من شباط عام ١٩٦٣، لكنّه كان رجلاً شجاعاً، فحضر عدداً من المناسبات التي كانت تقيمها عشيرة آل ربيع. بيد أن حسين لم يصمد طويلاً أمام إغراءات "حزب البعث العربي الاشتراكي"، فصار بعثياً ثمّ عيّن مختاراً لمحلتنا، قبل أن ينهي حياته متعهداً لقافلات الحجّ التي كانت تنطلق من مدينة الثورة إلى مكّة. ويحضرني في هذا السياق قول لشيوعي هنغاري سابق مفاده أنّ "الشيوعية هي أطول الطرق للوصول إلى الرأسمالية". لكن ما أريد التطرّق إليه هنا هو والد حسين بديوي، أي بديوي نفسه عندما كان في محافظة العمارة. وكانت لديه أرض كبيرة يساعده فيها يعض الأقرباء أيّام الحصاد. وذات مرّة جاء المساعدون "العوّانة"، فحصدوا الأرض واحتفظ كلّ واحد منهم بحصته. وعندما جاء صاحب الأرض بديوي الربيعي، رأى الحقل محصوداً وموزعاً بالكامل، ولم تبق له حصّة من القمح. فسأل العوانة "جا خويه وآنا وين حصتي؟" فقالوا لو "أبو حسين أنت ألك الصيت!"
والآن أعود إلى "سالفتي" أو روايتي Mansur, oder Der Duft des Abendlandes التي لم يصبني منها سوى الصيت، وليس هناك شيء آخر سواه، لكنّه لم يكن صيتاً مدويّاً على ما يبدو! التقط صورتي مع الكتاب الفنّان علاء فرنسيس هنا في برلين.

فسبكة

ليست هناك تعليقات