محمد حجيري في السنوات القليلة الماضية، كان اسم الروائية والسينمائية الجزائرية آسيا جبار (رحلت يوم الجمعة الفائت عن 79 عاماً)، يرد على م...
محمد حجيري
في السنوات القليلة الماضية، كان اسم الروائية والسينمائية الجزائرية آسيا جبار (رحلت يوم الجمعة الفائت عن 79 عاماً)، يرد على مسامعنا بقوة، خلال موسم الترشيحات لجائزة نوبل للآداب. لكن شهرة الروائية الحزائرية، لم تجعل كتبها منتشرة في العالم العربي على النحو اللازم، فحتى في مدينة مثل بيروت، تشكل وسيطاً ثقافياً وكتبياً، من الصعب أن نجد رواية مترجمة لأحدى أشهر الروائيات الجزائريات اللواتي يكتبن بالفرنسية. ربما العلّة في دور النشر أو في شركات التوزيع. وعلى هذا، لم يكن غريباً أن يكتب عبد الإله الصالحي: "كيف بالله يتهافت المترجمون مغاربة ومشارقة على ترجمة كُتّاب فرنسيين مغمورين ويتجاهلون كاتبة جزائرية بقامة آسيا جبار؟ وتحت أي ذريعة يمكن التغاضي عن مسؤولية المؤسسات الثقافية في الجزائر وبقية البلدان العربية عن هذا الإهمال المجحف؟".
على أن الجيل الجديد غير مواكب للمسار الثقافي الذي جعل آسيا جبار مرشحة إلى جائزة نوبل، وقبلها أصبحت عضواً كاملاً ضمن "الأعضاء الخالدين" في الأكاديمية الفرنسية في العام 2005. وهي أول امرأة مسلمة مغاربية وعربية تتبوأ هذا المنصب، ووصفت بـ"الكاتبة المقاومة" و"محامية النساء" ومثّلت أيقونة جزائرية في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
عرف العالم باسم آسيا جبار، وكثير من القراء لا يعلمون أن ذلك ما هو إلا اسمها الفني، وهي التي نشأت في بيئة تحتم على الرجال والنساء اعتماد أكثر من اسم مثلما فعل قادة الثورة التحريرية من جيلها. اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء إيمالايان، ولدت في بلدة شرشال غرب الجزائر العاصمة. وفي العام 1957 أصدرت روايتها "العطش" وكان لها من العمر 21 سنة. شبّهها بعض النقاد برواية "صباح الخير ايها الحزن" للكاتبة الفرنسية فرانسواز ساغان، نظراً إلى جرأة هذه الرواية التي تنتمي الى مرحلة البدايات، ما جعلها تنتمي الى الجيل الروائي المخضرم الذي ضم: كاتب ياسين ومحمد ديب ورشيد بوجدرة وسواهم. لكن ما ميّزها عن هؤلاء مضيّها في مشروعها الروائي الخاص القائم اساساً على "اعادة كتابة القرن العشرين كتابة مؤنثة".
في "العطش"، اتخذت آسيا جبار من "نادية" بطلة راوية للأحداث التي تقوم على مشاهد تتعلق بامرأتين هما: نادية وجدلة، وبرجُلين هما علي وحسين. تحاول نادية إثارة غيرة حسين من طريق زوج صديقتها جدلة، لكن هذه الأخيرة تخاف من فقدان زوجها، وقد كانت تنتظر طفلاً لا تريده، ولم تكن تثق في امكانية بلوغ سعادتها مع علي الذي أخبرها أن له ولداً من فرنسية أثناء إقامته بباريس.
ويمكن باختصار رصد المواضيع التي تناولتها جبار في كتبها. ففي رواية "القلقون" تتناول بيئة تقليدية جزائرية تقابلها بيئة غربية فرنسية. تقوم الرواية على علاقة حب بين دليلة وسليم، يتقابلان سراً في الجزائر كغريبين وقد فشلا في علاقتهما رغم حبهما. تنتقل جبار في العام 1962 بروايتها الثالثة "أطفال العالم الجديد"، إلى تناول حرب التحرير. تعتبر هذه الرواية أفقاً منفتحاً على واقع المرأة الجزائرية. وفي العام 1967 نشرت جبار روايتها الرابعة "القنابر الساذجة" وتطرح علاقة الرجل بالمرأة من دون الابتعاد عن أجواء حرب التحرير. فتتطرق إلى اللاجئين على الحدود الجزائرية- التونسية. توالت أعمال جبار بعد ذلك من خلال روايتها "الحب.. الفانتازيا"، حيث انغمست مجدداً في الحديث عن حرب التحرير بتصوير الغزو الفرنسي للجزائر 1830. أما في روايتها "ليالي ستراسبورغ" فتصور حكاية ذات ليلة في فندق، تنسيها مرارة الوطن ودمائه، من خلال نقل مشاهد الدم والموت في الجزائر. واستعادت في روايتها "امرأة بلا قبر" شخصية "زليخة"، بطلة المقاومة الجزائرية بعد سنوات طويلة على رحيلها. وعمدت في روايتها "اختفاء اللغة الفرنسية" الى اختيار رجل كبطل، على خلاف كل رواياتها الحافلة بالنسوة – البطلات. وفي جميع أعمالها تحدثتْ عن الاِنعتاق والتحرر وتصوير وضع المرأة التي تناضل تحت الاستعمار.
بالإضافة إلى شهرتها العالمية كروائية؛ كانت لآسيا جبار علاقة وطيدة بعالمي السينما والصورة. فقد كتبت وأخرجتْ فيلم "نوبة نساء جبل شنوة " 1977، وحازتْ جائزة النقد العالمي في مهرجان البندقية العام 1979. وكذا فيلم "زردة أو أغاني النساء" 1982، كما تعد جبار أول كاتبة عربية تفوز العام 2002 بجائزة السلام التي تمنحها جمعية الناشرين وأصحاب المكتبات الألمانية، وقبلها الكثير من الجوائز الدولية في إيطاليا، الولايات المتحدة، وبلجيكا. - See more at: http://www.almodon.com/culture/54973d49-8b57-4676-abfb-72cdcd8869b3#sthash.A7ZlOSoC.dpuf
في السنوات القليلة الماضية، كان اسم الروائية والسينمائية الجزائرية آسيا جبار (رحلت يوم الجمعة الفائت عن 79 عاماً)، يرد على مسامعنا بقوة، خلال موسم الترشيحات لجائزة نوبل للآداب. لكن شهرة الروائية الحزائرية، لم تجعل كتبها منتشرة في العالم العربي على النحو اللازم، فحتى في مدينة مثل بيروت، تشكل وسيطاً ثقافياً وكتبياً، من الصعب أن نجد رواية مترجمة لأحدى أشهر الروائيات الجزائريات اللواتي يكتبن بالفرنسية. ربما العلّة في دور النشر أو في شركات التوزيع. وعلى هذا، لم يكن غريباً أن يكتب عبد الإله الصالحي: "كيف بالله يتهافت المترجمون مغاربة ومشارقة على ترجمة كُتّاب فرنسيين مغمورين ويتجاهلون كاتبة جزائرية بقامة آسيا جبار؟ وتحت أي ذريعة يمكن التغاضي عن مسؤولية المؤسسات الثقافية في الجزائر وبقية البلدان العربية عن هذا الإهمال المجحف؟".
على أن الجيل الجديد غير مواكب للمسار الثقافي الذي جعل آسيا جبار مرشحة إلى جائزة نوبل، وقبلها أصبحت عضواً كاملاً ضمن "الأعضاء الخالدين" في الأكاديمية الفرنسية في العام 2005. وهي أول امرأة مسلمة مغاربية وعربية تتبوأ هذا المنصب، ووصفت بـ"الكاتبة المقاومة" و"محامية النساء" ومثّلت أيقونة جزائرية في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
عرف العالم باسم آسيا جبار، وكثير من القراء لا يعلمون أن ذلك ما هو إلا اسمها الفني، وهي التي نشأت في بيئة تحتم على الرجال والنساء اعتماد أكثر من اسم مثلما فعل قادة الثورة التحريرية من جيلها. اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء إيمالايان، ولدت في بلدة شرشال غرب الجزائر العاصمة. وفي العام 1957 أصدرت روايتها "العطش" وكان لها من العمر 21 سنة. شبّهها بعض النقاد برواية "صباح الخير ايها الحزن" للكاتبة الفرنسية فرانسواز ساغان، نظراً إلى جرأة هذه الرواية التي تنتمي الى مرحلة البدايات، ما جعلها تنتمي الى الجيل الروائي المخضرم الذي ضم: كاتب ياسين ومحمد ديب ورشيد بوجدرة وسواهم. لكن ما ميّزها عن هؤلاء مضيّها في مشروعها الروائي الخاص القائم اساساً على "اعادة كتابة القرن العشرين كتابة مؤنثة".
في "العطش"، اتخذت آسيا جبار من "نادية" بطلة راوية للأحداث التي تقوم على مشاهد تتعلق بامرأتين هما: نادية وجدلة، وبرجُلين هما علي وحسين. تحاول نادية إثارة غيرة حسين من طريق زوج صديقتها جدلة، لكن هذه الأخيرة تخاف من فقدان زوجها، وقد كانت تنتظر طفلاً لا تريده، ولم تكن تثق في امكانية بلوغ سعادتها مع علي الذي أخبرها أن له ولداً من فرنسية أثناء إقامته بباريس.
ويمكن باختصار رصد المواضيع التي تناولتها جبار في كتبها. ففي رواية "القلقون" تتناول بيئة تقليدية جزائرية تقابلها بيئة غربية فرنسية. تقوم الرواية على علاقة حب بين دليلة وسليم، يتقابلان سراً في الجزائر كغريبين وقد فشلا في علاقتهما رغم حبهما. تنتقل جبار في العام 1962 بروايتها الثالثة "أطفال العالم الجديد"، إلى تناول حرب التحرير. تعتبر هذه الرواية أفقاً منفتحاً على واقع المرأة الجزائرية. وفي العام 1967 نشرت جبار روايتها الرابعة "القنابر الساذجة" وتطرح علاقة الرجل بالمرأة من دون الابتعاد عن أجواء حرب التحرير. فتتطرق إلى اللاجئين على الحدود الجزائرية- التونسية. توالت أعمال جبار بعد ذلك من خلال روايتها "الحب.. الفانتازيا"، حيث انغمست مجدداً في الحديث عن حرب التحرير بتصوير الغزو الفرنسي للجزائر 1830. أما في روايتها "ليالي ستراسبورغ" فتصور حكاية ذات ليلة في فندق، تنسيها مرارة الوطن ودمائه، من خلال نقل مشاهد الدم والموت في الجزائر. واستعادت في روايتها "امرأة بلا قبر" شخصية "زليخة"، بطلة المقاومة الجزائرية بعد سنوات طويلة على رحيلها. وعمدت في روايتها "اختفاء اللغة الفرنسية" الى اختيار رجل كبطل، على خلاف كل رواياتها الحافلة بالنسوة – البطلات. وفي جميع أعمالها تحدثتْ عن الاِنعتاق والتحرر وتصوير وضع المرأة التي تناضل تحت الاستعمار.
بالإضافة إلى شهرتها العالمية كروائية؛ كانت لآسيا جبار علاقة وطيدة بعالمي السينما والصورة. فقد كتبت وأخرجتْ فيلم "نوبة نساء جبل شنوة " 1977، وحازتْ جائزة النقد العالمي في مهرجان البندقية العام 1979. وكذا فيلم "زردة أو أغاني النساء" 1982، كما تعد جبار أول كاتبة عربية تفوز العام 2002 بجائزة السلام التي تمنحها جمعية الناشرين وأصحاب المكتبات الألمانية، وقبلها الكثير من الجوائز الدولية في إيطاليا، الولايات المتحدة، وبلجيكا. - See more at: http://www.almodon.com/culture/54973d49-8b57-4676-abfb-72cdcd8869b3#sthash.A7ZlOSoC.dpuf
ليست هناك تعليقات