د. يوسف قدو
لقد قرأت الكثير الكثير عن المذهب الشيعي القديم والوسيط والحديث والمعاصر في كتب الملل والنحل وكتب السير والتأريخ وكتب علم الكلام، بحكم تخصصي في مقارنة الأديان، حتى صار عندي إلمام نظري عن التشيع ربما يعجز عنه كثير من مفكري الشيعة وعلمائهم أنفسهم، وأصبحت أميز تعاليم المذهب الشيعي الحقيقية من الزائفة إلى حدٍ كبير جداً، فلا مشكلة عندي من الناحية النظرية عن المذهب الشيعي، وهذا طبعاً يفتقر إليه أغلب الشيعة، فهم يعانون من ضبابية الرؤية لمذهبهم، فرؤيتهم يتخللها الكثير من الشوائب..
لكن ظهرت عندي مشكلة من الناحية التطبيقية تجاه المذهب الشيعي، خاصة في المرحلة المعاصرة من مراحله الأربع، فقبل سنين حين طبقت المنهج التوظيفي بين مبادئ المذهب الشيعي وتمثلاته المعاصرة، فوجئت بالنتيجة التي ظهرت عندي، إذ لم أجد ما يمكن أن أدعوه تطبيقاً عملياً لمبادئ هذا المذهب، وإن ظهرت عندي نتائج فردية إلاّ أنها غير ملزمة، فلم أجد اتجاهاً عملياً أو تياراً سياسياً أو دينياً أو شعبياً يمكن أن نقول عنه أنه الصورة الواقعية لمثال المذهب الشيعي..
ودعوني أقول لكم شيئاً، فحتى الدكتور علي شريعي لم يوفق في التوصل إلى النموذج المعاصر الممثـِّل للمذهب الشيعي، فحين كتب مشروعه (التشيع العلوي والتشيع الصفوي)، قد أعطى نماذج معاصرة للتشيع الصفوي، لكنه لم يتمكن من إحراز النموذج المعاصر للتشيع العلوي، ولهذا نشرت في مقتبل الألفية الثالثة في مجلة (اللاهوت) الصادرة في بيروت بحثاً موسوماً (بنية التشيع عند الدكتور شريعي- رؤية نقدية)..
لكنني اليوم وبكل عزم ودراية وإثبات توصلت إلى الصورة الواقعية للنموذج المعاصر للمذهب الشيعي، هذا النموذج يتمثل بمرجعية الصرخي زعامة، وبالصرخيين تياراً، فلولا المرجع الصرخي وأتباعه الصرخيين لم أعرف التشيع إلاّ نظرياً، لولاهم لم أعرف نماذج الشيعة الذين يمثلون هذا المذهب حق التمثيل..
ولكي أميز مشروعي عن مشروع الدكتور شريعتي في التشيع العلوي، أنحت لكم هذا الاصطلاح الذي يمثل مشروعي العملي، وهو (التشيع الصرخوي)، نسبة إلى الممثل الحقيقي للمذهب الشيعي وهو المرجع الصرخي، و(التشيع الصرخوي) ليس جديداً من الناحية النظرية، بل هو موجود في الملل والنحل وهو ما قصده الدكتور شريعتي نظرياً، لكنه جديداً ومعاصراً من الناحية التطبيقية، فالصرخيون هم الممثلون المعاصرون الحقيقيون للمذهب الشيعي، وهم (الصرخويون) الذين يحملون المبادئ العملية للمذهب الشيعي، وعليه تكون (الصرخانية) هي دعوة لنشر مبادئ مرجعية الصرخي وأتباعه، هذه المبادئ التي تمثل مبادئ التشيع الخالي من التزييف، مبادئ تحقيق التعايش السلمي والعدالة والوحدة والموضوعية في القصد وتحمل المسؤولية وتجاوز الذات..
عن الفايسبوك