صورتان وزمنان:
الصورة الأولى على جسر كارل "كارلوف موست"، وهو أقدم جسر حجريّ على نهر مولداو بمدينة براغ، وذلك في صيف ١٩٨٠. ومدينة براغ كانت أوّل محطّة ليّ في منفاي الأوروبي، حيث قدم لي الأخ، أو الرفيق، لا فرق، فالح عبد الجبّار مساعدةً كبيرة لا تنسى تتعلق بالإقامة وتعبئة تأشيرة الدخول إلى ألمانيا، على الرغم من أنّ تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في براغ كان يحذر أعضاءه من مغبّة الالتقاء بهذا "العبثي الوجوديّ المتطرّف". وقد رأيت الشاعر محمّد مهدي الجواهري والكاتب العبقريّ الساخر شمران الياسري، أبو كاطع، للمرّة الأولى في حياتي.
والصورة الثانية على نهر السين في باريس، صيف ٢٠١٤، وذلك قبل لحظات من لقائنا، عدنان محسن وأنا، بالكاتب السوري والإنسان الكبير فاروق مردم بك في شارع سان جرمان.
ومع ذلك فإن المنفى ترك آثاره القاسية على أرواحنا وأجسادنا وذاكرتنا، في الوقت الذي شهدت وتشهد فيه بلداننا حروباً دمويةً وعملياتِ قتل وتشريد وتدمير لا نظير لها في تاريخ المنطقة. وليس هناك بالطبع أيّ حلّ أو حتّى تحسّن بسيط يلوح في الأفق.