ربّما كان الشاعر الأميركي مارك ستراند، الذي توفي السبت الماضي، من أكثر الشعراء الأميركيين الحديثين الذي استخدم العبثية في قصائده كوسيلة ولي...
ربّما كان الشاعر الأميركي مارك ستراند، الذي توفي السبت الماضي، من أكثر الشعراء الأميركيين الحديثين الذي استخدم العبثية في قصائده كوسيلة وليس كغاية. من أكثر الشعراء الأميركيين الذين تعاملوا مع كتابة قصيدة النثر بجديّة.
أحد الذين رسخّوا شعرية وحضور قصيدة النثر الأميركية، الحديثة العهد نسبيّاً (بداية انتشارها الأنجلوسكسونية في الخمسينيات والستينيات).
من ترجمات قديمة لي لبعض قصائده:
سبعة أيام
-----------
اليوم الأول
جلستُ في غرفة شبه مظلمة،
تطلّ على البحر. كان على سطح الماء، شعاعُ ضوءٍ
ينطلق منه قوسُ قزح ينتهي قرب السلالم.
تفاجأتُ عندما اكتشفتُ وجودكِ في آخره.
اليوم الثاني
جلستُ على كرسيّ في الشاطئ، مُحاطاً بأعشاب طويلة
لذلك،لم يظهر منّي إلاّ أعلى قبعتي.
ظلّت السماء تتبدّل، لكنّ أشعة الشمس لم تتوقف.
كانت عموداً من البلّور، يملؤه غبارٌ لامع، وكنتِ أنتِ داخله.
اليوم الثالث
بزغَ مذنّبٌ ذو ذيليَن. كنتِ بينهما
بذراعَيْن مبسوطتَين، كما لو كنتِ تُبقين ذيْنك الذيلَيْن متباعدين.
وددْتُ لو قلتِ شيئاً، لكنّك لم تفعلي. عرفتُ حينئذٍ
أنّكِ قد تبقين صامتةً إلى الأبد.
اليوم الرابع
في غرفتي هذا المساء، بركة من ضوء قرمزيّ
كانت تعوم على الأرض الخشب. تذكّرتُ
ليلةَ أبحرتِ بعيداً. أغلقتُ عينيّ وحاولتُ التفكير
بطُرق يمكن أن تصلح ما بيننا؛ لم أجد طريقة واحدة.
اليوم الخامس
أشرق ضوء وظننتُ أن الفجر قد بزغ.
لكن الضوء كان في المرآة، كلّما اقتربتُ منه
ازداد تألقاً. كنتِ تحدّقين في وجهي.
سهرتُ معكِ حتى الصباح، لكنّك لم تقولي كلمة واحدة.
اليوم السادس
كان الوقت عصراً، لكنّي كنتُ واثقاً
أنّ ضوء القمر كان عالقاً تحت الصحون.
كنتِ واقفةً، عبر النافذة، تقولين: "ارفعْها".
حين رفعتُها، كان البحر مظلماً،
الريح تهبّ من الغرب، وكنتِ رحلتِ.
اليوم السابع
في وقت متأخر من الليل، ذهبتُ راجلاً في نزهة
متسائلاً إنْ كنتِ ستعودين.كان الجوّ دافئاً
وعبق الأزهار جعلني أتذكّر يومَ ظهرتِ في غرفتي،
في بركة من الضوء. سيطلع القمر بعد برهة قصيرة
وتمنّيتُ قدومكِ. فكرتُ في الأثناء
بسقوط النجوم القديمة ورماد الأشياء.
عرفتُ أنّي سأكون منثوراً بينها،
أنّ حلم الضوء سيستمرّ من دوني،
لأنه لم يكن حلمي يوماً. كان دائماً حلمكِ. وفي سواد الليلة السابعة
كان واضحاً أن موعدي سيأتي قريباً.
نظرتُ إلى التلّة، تفحّصتُ الماء الهادئ.
كان القمر يسطع، وكنتِ وصلتِ.
***
بضع كلمات أخيرة
-----------------
إذا حسبتَ أنّ أشياءً جميلة ستحصل
وأنّ العالم سيتحسّن، لا تأمل كثيراً.
اذهب فقط إلى المقابر واسأل هناك.
الحياة حلمٌ يُنسى دائماً عندما يستيقظ النائم
إنْ كان يصعب عليك فهم ذلك، أيها المـُبجَّل،
اذهبْ فقط إلى المقابر واسأل هناك.
في النهاية، تنزلق خارجاً، موصِداً الباب
تاركاً خلفه فكرتك الأخيرة. هل تتذكّرها على أية حال؟
اذهب فقط إلى المقابر واسأل هناك.
أنت الذي هناك، لماذا تسأل إذا كنّا في وادي
الزرقة اللانهائية، وإذا كنّا نحن سجناءه؟
اذهب فقط إلى المقابر واسأل هناك.
***
قلتُ بأنّ بزوغ المجهول
كان دائماً بين يدَيْنا، وبأنّ إنجاز أيّ شيء
هو تهديد دائم. قلتُ أيضاً
بأنّ ثمّة حزناً حين ندرك أنّ إبطال ما حدث لن يتحقّق أبداً،
وأنّ تاريخ الحاضر بعيدٌ كبُعد حدوث المستقبل.
مهاراتنا محدودة، قدرتنا على التخيّل ضعُفت، مدننا منكوبة.
قرصنة فايسبوكية
أحد الذين رسخّوا شعرية وحضور قصيدة النثر الأميركية، الحديثة العهد نسبيّاً (بداية انتشارها الأنجلوسكسونية في الخمسينيات والستينيات).
من ترجمات قديمة لي لبعض قصائده:
سبعة أيام
-----------
اليوم الأول
جلستُ في غرفة شبه مظلمة،
تطلّ على البحر. كان على سطح الماء، شعاعُ ضوءٍ
ينطلق منه قوسُ قزح ينتهي قرب السلالم.
تفاجأتُ عندما اكتشفتُ وجودكِ في آخره.
اليوم الثاني
جلستُ على كرسيّ في الشاطئ، مُحاطاً بأعشاب طويلة
لذلك،لم يظهر منّي إلاّ أعلى قبعتي.
ظلّت السماء تتبدّل، لكنّ أشعة الشمس لم تتوقف.
كانت عموداً من البلّور، يملؤه غبارٌ لامع، وكنتِ أنتِ داخله.
اليوم الثالث
بزغَ مذنّبٌ ذو ذيليَن. كنتِ بينهما
بذراعَيْن مبسوطتَين، كما لو كنتِ تُبقين ذيْنك الذيلَيْن متباعدين.
وددْتُ لو قلتِ شيئاً، لكنّك لم تفعلي. عرفتُ حينئذٍ
أنّكِ قد تبقين صامتةً إلى الأبد.
اليوم الرابع
في غرفتي هذا المساء، بركة من ضوء قرمزيّ
كانت تعوم على الأرض الخشب. تذكّرتُ
ليلةَ أبحرتِ بعيداً. أغلقتُ عينيّ وحاولتُ التفكير
بطُرق يمكن أن تصلح ما بيننا؛ لم أجد طريقة واحدة.
اليوم الخامس
أشرق ضوء وظننتُ أن الفجر قد بزغ.
لكن الضوء كان في المرآة، كلّما اقتربتُ منه
ازداد تألقاً. كنتِ تحدّقين في وجهي.
سهرتُ معكِ حتى الصباح، لكنّك لم تقولي كلمة واحدة.
اليوم السادس
كان الوقت عصراً، لكنّي كنتُ واثقاً
أنّ ضوء القمر كان عالقاً تحت الصحون.
كنتِ واقفةً، عبر النافذة، تقولين: "ارفعْها".
حين رفعتُها، كان البحر مظلماً،
الريح تهبّ من الغرب، وكنتِ رحلتِ.
اليوم السابع
في وقت متأخر من الليل، ذهبتُ راجلاً في نزهة
متسائلاً إنْ كنتِ ستعودين.كان الجوّ دافئاً
وعبق الأزهار جعلني أتذكّر يومَ ظهرتِ في غرفتي،
في بركة من الضوء. سيطلع القمر بعد برهة قصيرة
وتمنّيتُ قدومكِ. فكرتُ في الأثناء
بسقوط النجوم القديمة ورماد الأشياء.
عرفتُ أنّي سأكون منثوراً بينها،
أنّ حلم الضوء سيستمرّ من دوني،
لأنه لم يكن حلمي يوماً. كان دائماً حلمكِ. وفي سواد الليلة السابعة
كان واضحاً أن موعدي سيأتي قريباً.
نظرتُ إلى التلّة، تفحّصتُ الماء الهادئ.
كان القمر يسطع، وكنتِ وصلتِ.
***
بضع كلمات أخيرة
-----------------
إذا حسبتَ أنّ أشياءً جميلة ستحصل
وأنّ العالم سيتحسّن، لا تأمل كثيراً.
اذهب فقط إلى المقابر واسأل هناك.
الحياة حلمٌ يُنسى دائماً عندما يستيقظ النائم

اذهبْ فقط إلى المقابر واسأل هناك.
في النهاية، تنزلق خارجاً، موصِداً الباب
تاركاً خلفه فكرتك الأخيرة. هل تتذكّرها على أية حال؟
اذهب فقط إلى المقابر واسأل هناك.
أنت الذي هناك، لماذا تسأل إذا كنّا في وادي
الزرقة اللانهائية، وإذا كنّا نحن سجناءه؟
اذهب فقط إلى المقابر واسأل هناك.
***
قلتُ بأنّ بزوغ المجهول
كان دائماً بين يدَيْنا، وبأنّ إنجاز أيّ شيء
هو تهديد دائم. قلتُ أيضاً
بأنّ ثمّة حزناً حين ندرك أنّ إبطال ما حدث لن يتحقّق أبداً،
وأنّ تاريخ الحاضر بعيدٌ كبُعد حدوث المستقبل.
مهاراتنا محدودة، قدرتنا على التخيّل ضعُفت، مدننا منكوبة.
قرصنة فايسبوكية
ليست هناك تعليقات