Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

عن صباح والشماتة بفيروز... لنبيل أبي صعب

لا أفهم هذه الشماتة بفيروز عند تمجيد صباح. أعتقد أنها في جزء منها تبرؤ من ماض شخصي ما، وليس في ذلك ما هو سيء أو جيد لأنها سُنة التقدم بال...

لا أفهم هذه الشماتة بفيروز عند تمجيد صباح. أعتقد أنها في جزء منها تبرؤ من ماض شخصي ما، وليس في ذلك ما هو سيء أو جيد لأنها سُنة التقدم بالعمر. 
وفي الشماتة جزء آخر من يأس موجع من إمكانية استمرار أي شيء ذي قيمة على قيد الحياة، ما يحتم الانحياز التلقائي للموتى الذين عاشوا أندلس الستينات – سبعينات وما بقي هو نوستالجيا وهزائم، وما الأحياء منهم سوى أشلاء آيلة الى الموت. والأحياء بهذا المعنى الجنائزي أموات كامنون يلهثون الحياة بانتظار الموت الحقيقي. 
كما أنها امتداد لحالة التنكيت المستمرة على كل ما له علاقة بالحيز العام، وفيروز مثال، ما يعكس مرارة وخيبة من حال لبنان المتخيل الذي أنزل من الجنة بعدما أكل التفاحة (وأكل الضرب). 
وربما في جانب من الشماتة انحياز تلقائي الى الشقراء على حساب السمراء، والى الجمال على حساب الذكاء والجهد.
وما الشماتة بفيروز والانحياز الى صباح إلا سير على ما تسعى المرثيات الى التبرؤ منه. فتمجيد صباح الحية رغم موتها مقابل ذم فيروز الأيقونة الميتة رغم بقائها حية خيانة للفكرة الصباحية نفسها. 
فصباح، وفق المنطق هذا، رفعت الى منزلة شهيدة عشق الحياة رغم أن مجدها المفترض ينبع من أنها مثال للراهن المتفلت من بلادة الماضي. 
فيروز تجددت ثم تغيرت وبقيت حية فنياً أكثر من صباح بعقدين ونصف على أقل تقدير. وصباح غنت ما لم تستطع فيروز أن تؤديه، ودليل على ذلك اختلاف ألحان العبقري فلمون وهبة مثلاً بين ما أعطاه لهذه ولتلك. 
ما أستغربه أن تقويم أي من المغنيتين يتوقف عند صورتيهما في مرحلة تلفزيون لبنان بالأبيض والأسود وكازينو لبنان والسان جورج، ويمحي كل ما تبع ذلك من ألبوماتهما. وفي ذلك رفض دفين للأربعين عاماً الأخيرة من عمر لبنان، وهو امتداد لرفض تقبل هذا اللبنان الموجود خارج الذاكرة. 
وأذكر كيف أن فيروز غنت حتى سقوط المطر في مهرجان بيت الدين وأغرقت الحضور بصوتها فما همه من البلل، فيما كانت صباح تحيي سهرات عادية جداً وهابطة مع فرقة فادي لبنان، في نمط يشبه حفلات وديع الصافي وخوسيه فرنانديز. 
لكن ذلك لا يمنع أنني لطالما أغرمت بصباح وبفساتين صباح الطويلة وشعرها الكبير وصف أسنانها الناصعة، وهي لم تذكرني يوماً بمارلين مونرو لأنها كانت أشبه بداليدا، وهي مثلت سيدة الصالون وفتاة الجبل في آن، لا غواية غرفة النوم والشاطىء. 
وحين تغني صباح السبعينات فكأنها تقدم بسخاء عفوي حلوى نادرة صنعتها بيديها دون عناء الى مريديها التائبين. وأدعي أن صباح كانت ممثلة متواضعة القدرات (جداً) خصوصاً على المسرح، وراقصة سيئة، لكنها لم تكن في كل أدوارها أقل من امرأة فاتنة وساحرة فائقة الحضور.

قرصنة فايسبوكية

ليست هناك تعليقات