
اثناء زيارتها لباريس عام 1910 لقضاء شهر العسل برفقة زوجها الشاعر نيكولاي غيومليف، التقت آنا اخماتوفا ذات العشرين ربيعا بالرسام الايطالي مودلياني ووقع الاثنان في حب بعضهما، وبعد سنة من الرسائل المتواصلة عادت في ربيع 1911 لوحدها هذه المرة، لتقضي معه اجمل أسبوعين في حياتها كما ورد في مذكراتها، وكانت تلك الايام هي آخر ايام بينهما. كتبت عن حبها هذا عشرات القصائد المباشرة وغير مباشرة، لعل احداها هذه القصيدة التي انشرها هنا، وترك مودلياني مجموعة تخطيطات لمعشوقته اخماتوفا اعظم شاعرة في القرن العشرين في الأقل، وأجمل نساء عصرها وأكثرهن فتنة وجاذبية.
من بين عشرات البورتريهات التي رسمت لها من قبل رسامي عصرها ، ظلت تخطيطات مودلياني هي الأقرب الى روحها، قصة الحب بين اخماتوفا ومودلياني هي قصة الجنون عندما يأتي مرة على هيئة قصائد ومرة على هيئة خطوط خلدها اثنان من عبقريات قرن مضى .
" حينما تكون سكرانا
يبدأ المرح الكبير
حكاياتك تغدو بلا معنى
ونوبات من الدوار
والتوتر
حيث شجر الدردار و السوسن الاصفر
تُهنا معا في ارض الخديعة
نتذوق طعم ندمنا المرير
لِماذا نبتسم إذن، تلك الابتسامات الغريبة والباردة كالثلج ؟
نحن من اختار هذا الحزن العميق
بدلا عن تلك السعادة الباهتة
لن اتراجع ياصديقي
انا امرأة طائشة وضعيفة .. "
باريس 1911
( ترجمة هالة محمد )
توفي مودلياني عام 1920 وعاشت أخماتوفا حتى العام 1966، لتكتب عن مودلياني واحدا من اجمل الكتب التي تناولت شخصيته " انا واثقة من ان الذين وصفوا مودلياني لم يتعرفوا الى جوانب شخصيته كما عرفته انا".
في اغلب التخطيطات بدت اخماتوفا عارية، ولكنها تصر في احاديثها الشخصية على انه رسمها في متحف اللوفر عندما اصطحبها في جولة في أروقته عندما كانت في ضيافته .
ليس هذا هو المهم هنا، المهم أنهما تبادلا الهدايا الخالدة ، القصائد والتخطيطات التي ستعيش ضد النسيان لتحكي قصة حب قصيرة بطلاها عملاقان في الإبداع و الجمال.
اخماتوفا شاعرتي المفضلة ومودلياني اقرب الى وجداني من بيكاسو كثيرا. من قال اني احب بيكاسو اصلا .