محمد الحجيري(*)... ديانات مادونا - الرومي

Breaking

Home Top Ad

Responsive Ads Here

Post Top Ad

Responsive Ads Here

الخميس، 26 يونيو 2014

محمد الحجيري(*)... ديانات مادونا



نشرت الفنانة العالميّة مادونا على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام صورة لها مرتدية النقاب، في خطوة فاجأت متابعيها.

وعلّقت على الصورة بالقول: "يا له من يومٌ سيّئ". وفي محاولة إستباقية للدفاع عن نفسها قبل الهجوم عليها، أضافت مادونا هاشتاغ " #unapologeticbitch" أو "عاهرة لن تعتذر".

ولا تعدّ هذه المرة الأولى التي تثير فيها مادونا الجدل بسبب ملابسها الغريبة، إذ سبق لها أن اعتلت المسرح في عدد من المناسبات بسلاح ناري على المسرح، كما أطلت في فيديو كليب " Nothing Really Matters" عام 1998 بملابس جيشا" اليابانية.

وأثارت مادونا الجدل حول عبارة أنها تبني مدارس للبنات في دول إسلامية وبدأت تدرس القرآن ووصفته بـ"الكتاب المقدس". وسبب الجدل، أن مادونا ارتدت النقاب في إحدى صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مرتبطة بفرنسي مسلم من أصل جزائري اسمه ابراهيم زيبات، يصغرها بأكثر من 28 سنة، لذلك بدأت التساؤلات: هل ستعتنق مادونا الإسلام وترتدي الحجاب؟!

والحق أن الجدل حول علاقة مادونا بالإسلام والشاب المسلم والنقاب والقرآن، يذكرنا بقضية مشابهة رافقت ملك البوب الراحل مايكل جاكسون في سنواته الأخيرة حول علاقته بالإسلام وفتاة تدعى عائشة، وقيل الكثير في شأنها... بل إن مادونا نفسها أثارت لغطاً يتذكره الجميع، إثر استخدام الصليب في أحد كليباتها. ولا يُفسّر هذا الجدل إلا في إطار شغف الفنانة الأميركية الدائم إلى الإبهار والدهشة سواء في إطلالاتها أو فنها أو ولاءاتها أو الميديا التي تختارها طريقاً للشهرة وتسويق أغانيها وألبوماتها، فهي دائماً تبحث عن الظهور بصور غرائبية وسريالية وفصامية تجمع "المقدس والمدنس" في سلة واحدة، وشكَّلت ظاهرة ثقافية تجسد تطورات مهمة لحقت بالعالم في نهاية القرن العشرين واستمرت حتى الآن.

فعند بداية ظهورها في أوائل الثمانينات في زمن السياسة الريغانية (نسبة إلى الرئيس رونالد ريغان) صدمت مادونا الجمهور وصعدت إلى نجوميتها باتخاذها مظهر الفتاة الخليعة التي لا تخشى إظهار أنوثتها في أشكال مثيرة وهي قادرة على توظيف أي شيء من أجل فنها. حتى إنها تخطت مارلين مونرو من ناحية تقديم الإغراء الفاجر، واستطاعت أن تفرض نفسها فى عالم الغناء ليس فقط بصوتها وإنما برقصاتها وحركاتها المثيرة وعريها على المسرح وفي أغانيها المصوَّرة.

في أوائل التسعينات، دخلت مادونا مرحلة "أيقونة" الجنس بأشكاله المختلفة، من سادية ومازوخية ومثلية أيضًا. وقد ظهرت تلك المرحلة من خلال أغانٍ وأفلام وكتب، من بينها فيلم "في السرير مع مادونا" وكتاب عبارة عن ألبوم من الصور بعنوان sex، نشر العام 1992 وأصبح من الكتب الأكثر طلباً على الإنترنت بعد سحبه من السوق وعدم طبع المزيد منه.

ودخلت مادونا في نزاع قضائي مع الفنانة اللبنانية فيروز عندما أصدرت أغنية Erotica في ألبوم يحمل اسم الأغنية، سطت من خلالها على ترنيمة "اليوم علق لي خشبة" بأداء فيروز، وذلك بعدما كانت قد لجأت إلى هذه التهاليل في 1990 في أغنية The Beast Within.

ولا تقتصر ميديا مادونا على الصور الإباحية والرقص، فهي اشتهرت في الحديث الذي أدلت به للروائي نورمان ميلر العام 1994، إذ قالت إنها تحب أن تبول وهي تستحم، وعبّرت عن كرهها للواقي الذكري. وحتى في كتاباتها تثير مادونا الصدمة، فقد نشرت مقالاً في مجلة أميركية شرحت فيه أن مدينة نيويورك لم تستقبلها "بذارعين مفتوحتين" عندما وصلتها آتية من ميتشيغان. وجاء في المقال: "في العام الأول من إقامتي في نيويورك تعرضت لحادثة سطو تحت تهديد مسدس، وتعرضت للاغتصاب على سطح مبنى تحت تهديد سكين، وسرق منزلي ثلاث مرات، لا أعرف لماذا، لم يكن لدي شيء ذو قيمة".

بعد تخطيها سن الأربعين، ظهرت مادونا بهوية جديدة أعادت بها تسويق صورتها وأغانيها، فأصبحت في أحاديثها الصحافية تتحدث عن الأسرة والحياة المنزلية والأمومة وأنجبت طفلين، واكتشفت في نفسها موهبة جديدة أو صورة إعلامية مختلفة هي صورة الأديبة كاتبة قصص الأطفال.

هذه التقلبات والتناقضات كافة توافرت في شخصية مادونا، وكانت ميديا إعلامية صاخبة لها، ولم تكن الأديان والطقوس بمنأى عن هذه الوسائط التي تستعملها، فقد مارست مادونا اليوغا ودرست البوذية وقرأت عن المسيحيين الأوائل وأظهرت اهتمامًا بالجانب الروحاني من الحياة في منتصف التسعينات وتلقت دروسًا في "القابالا" أو التصوف اليهودي، وتعلمت واستلهمت الكثير منه، ومع ذلك قالت: "بقيت غير قادرة على ربط النقاط وإيجاد طريق للإلمام بهذه المعرفة وتطبيقها على حياتي اليومية. كنت أبحث عن جواب ولم أعثر على شيء". واعتبرت أن "القابالا" جعلتها تدرك بأنها وجدت أخيراً "نظام إيمان فلسفي يدمج العلم بالروحانية". اعتنقتها ولم تتردد في زيارة إسرائيل وإحياء حفلة هناك والتقاط الصور التذكارية مع شخصيات رسمية إسرائيلية.

واليوم، يبدو أن الإسلام والقرآن والشاب المسلم يشكلون "ميديا" مادونا للشهرة والثرثرة والصور والإبهار والدهشة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، هي موجة جديدة لخلط الحابل بالنابل، من "القابالا" إلى القرآن، من العري إلى النقاب، ومن يتأمل تنقلات مادونا بين ما يسمى "المقدس والمدنس" لا يستغرب تحولات الفنانات العرب وتنقلاتهن من العري إلى الحجاب، مع فرق جوهري أن مادونا توظِّف كل شيء في سبيل نجوميتها ولا تقع أسيرة أي أفكار أو طقوس.

* صحافي وكاتب من أسرة الرومي


المقال نشر سابقاً في موقع المدن، وينشر الآن معدلاً

هناك تعليق واحد:

Post Bottom Ad

Responsive Ads Here

الصفحات