كتبت هذه المقالة بمناسبة رحيل الروائي الكبير جوزيه ساراماغو، الأحد 20 يونيو 2010 جريدة الجريدة، وسنعيدها الآن بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيل...

كتبت هذه المقالة بمناسبة رحيل الروائي الكبير جوزيه ساراماغو، الأحد 20 يونيو 2010 جريدة الجريدة، وسنعيدها الآن بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيله للفائدة.
محمد الحجيري
حين زار النائب اللبناني وليد جنبلاط رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في الرابية، استهل زيارته بإهدائه كتاب «الإنجيل برواية المسيح» للكاتب البرتغالي اليساري جوزيه ساراماغو (توفي أول من أمس الجمعة بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهر 87 عاماً). قال جنبلاط: «لا أعرف لماذا أهديته إياه»، معتبراً أن «أهمية الكتاب تكمن في تمثيله وجهة نظر أحد العلمانيين بيسوع المسيح، وهو كتاب يقرأ مرات عدة». ورأى جنبلاط أن بعض أعمال الكاتب الشيوعي يذكّره بمعارك سوق الغرب، «يوم سقط الكثير من الشهداء من الجيش ومن الحزب «الاشتراكي»، وختم جنبلاط قائلاً: «في بعض كتب ساراماغو نوع من العبثية».
كان ساراماغو منتمياً إلى الحزب الشيوعي، وكانت مواقفه السياسية والإنسانية أقرب الى اليسار، لكن رواياته كانت أبعد ما يكون عن ثقافة الأحزاب الشيوعية (الجدانوفية)، بل كانت أقرب الى السلالة الكافكاوية (نسبة إلى فرانز كافكا)، حتى أنه استعار بطلاً من هذا الأخير في روايته «ك» وكان حاضراً في رواية «كل الأسماء» لساراماغو، التي رسم فيها متاهة، كما فعل في «المحاكمة». وإذا كنا لا نعرف شيئاً عن ماضي «ك» (من أين جاء)، فإن دون جوزيه بطل «كل الأسماء»، لا نعرف عن ماضيه شيئاً أيضاً، إذ يظهر في بداية الرواية موظفاً صغيراً يؤدي عملاً روتينياً رتيباً، ونعثر على كنيتيــن له في سجل الولادات الموجود في المحفوظات العامة إحداهما هي كنية أبيه، والثانية هي كنية أمه: «عندما يُسأل دون جوزيه عن اسمه، أو عندما تتطلب الظروف أن يقدم نفسه، أنا فلان الفلاني، فلن يفيده في شيء النطق بالإسم كاملاً لأن محادثيه لن يحتفظوا في ذاكرتهم إلاّ بالكلمة الأولى، جوزيه، والتي يضيفون بعد ذلك كلمة ـ دون». جوزيه في الخمسين من عمره ولا يتحدث عن طفولة غابرة، ولا عن مراهقة، ولا عن قصة حب، أو حتى عن عائلة كان فرداً فيها... إنه هكذا، كأنه بلا ذاكرة، أو كأنه يتجنّب التذكّر، هو المغرم بمعرفة بعض تفاصيل حيوات المشاهير من أهل مدينته، إذ يستغل مركزه الوظيفي في السجل المدني ويستنسخ بطاقات أولئك المشاهير، والمصادفة ستؤدي دورها الحاسم في الأمر، حين يجلب خمساً من تلك البطاقات إلى منزله ليفاجأ بوجود بطاقة سادسة جاءت خطأ مع البطاقات الخمس، وهي لامرأة مجهولة يقرر البحث عن حياتها، متجاوزاً صرامة القوانين واللوائح البيروقراطية، واضعاً مستقبله المهني بذلك على كف عفريت.
دون جوزيه شخصية حذرة إلى حد بعيد، وتحسب للاحتمالات حتى تلك التي قد نطلق عليها صفة الغريبة، لكنها غير مترددة. إنها تغامر، ربما لإشباع فضول غامض وكاسح، وربما للخروج من رتابة العمل كما نوهنا آنفاً، أو ربما للتعرف إلى الذات، أو ربما لأجل الحب. ربما يتمرأى وليد جنبلاط في شخصية جوزيه، ربما يتمرأى في معظم شخصيات الروائي البرتغالي الراحل الذي استطاع توظيف الاستعارات الخارقة لوصف هذا العالم.
- ساراموغو الذي غادرنا، بعد صراع مع المرض، ظل وعلى عكس معظم كتاب العالم، منتسباً الى الشيوعية والفكر الماركسي، وكان قريباً من الثورة الزباتية، لم تنهر مواقفه السياسية مع انهيار المنظومة الشيوعية السوفياتية، ولم ينحدر مستوى أدبه أو يتأثر بالأحلام المكسورة، ففي السنوات الأخيرة من عمره أتحفنا برواية رائعة عن الموت وسؤاله وفلسفته، رواية لا تبتعد عن هاجس كل إنسان في الحياة، وهي بعنوان «الموت في إجازة». في الرواية يبدأ الموت إضراباً في بلد غير معلوم وفي ليلة رأس سنة غير محددة. لا أحد يموت من مرض أو انتحار أو حادث سيارة، ذلك ما كانت تحلم به البشرية منذ الأزل. يجعل ساراماغو «الموت» أنثى تقع في غرام أحد البشر، وهذا ما يشدّ انتباه القارئ.
تزدحم المستشفيات بمرضى لا علاج لهم، وبمسنين يُحتضرون. وجود هؤلاء وما يتطلبه الإنفاق على العجزة، يرهقان كاهل دافعي الضرائب في ذلك البلد الذي استثناه الموت، وتحدث أزمة اقتصادية تبدأ بانهيار شركات التأمين على الحياة. لا تحتمل الأسر عذابات الآباء وهم على أسرة الاحتضار يتقلبون من شدة الألم، فتسعى إلى الاتصال بمافيا منظمات التهريب وتدفع لهم مبالغ كبيرة لتهريب المحتضرين إلى بلد مجاور ليموتوا هناك. عمليات الانتحار محكومة بالفشل، فلا خلاص ولا بد من مواجهة المشاكل المستعصية. تتخذ الأشياء كافة مظهراً آخر ما دامت الحياة قد اكتسبت معنى آخر في غياب الموت.
يصوّر ساراماغو الموت أنثى غريبة الأطوار (يذكرنا بتصوير الموت في رواية «البومة العمياء» للإيراني صادق هدايت)، تُتاح لها خلال عطلتها هذه مغادرة كهفها لتتأمل الآخرين وتعرف معنى الحب والرأفة والعطف. ولتخفيف وطأة إجازة الموت، تختار الموت الأنثى عدداً من الأشخاص وتبعث إليهم برسائل تحذير داخل مظاريف بنفسجية لا بد من أن يردوا عليها لتمنحهم مدة أسبوع لترتيب أمورهم قبل مغادرتهم الحياة، لكن أحدهم لم يرد، فتبعث برسالة ثانية وثالثة ورابعة. أخيراً، تقرر غاضبة الذهاب بنفسها للتحقق من الأمر، ولأنها لو تجسدت لرأى الناس منظرها القبيح، تتجول بشكل غير مرئي مخترقة الجدران والأبواب، وتجد أن ذلك الشخص الذي رفض الرد على رسائلها عازف على آلة التشيلو في التاسعة والأربعين من عمره، قد استسلم لقدره، ونام وبجواره كلبه. تبدأ بتخيل فاعلياته الروتينية المحتشمة، العزف على التشيلو، التنزه مع كلبه والذهاب لاقتناء الصحيفة. تبقى هناك لتراقب العازف.
يجلس الكلب في حضنها غير المرئي فتلامس للمرة الأولى جسماً ينبض بالحياة. تقترب من التشيلو وتحرك أوتاره فتسمع أنيناً لا تلتقطه الأذن البشرية. تعود إلى كهفها وتغير مظهرها فتصبح امرأة في الثلاثين، وتختار ملابس جذابة، وتعود إلى المدينة وتحجز مكاناً في أحد الفنادق، ثم تشتري تذكرة لحفلة موسيقية يشارك فيها عازف التشيلو. لكنها لا تنسى أن تحمل معها الرسالة المميتة، وتلك خطّتها لإيصال الرسالة إليه...
هكذا روايات ساراماغو فانتازيا من افتعال أو واقعية سحرية، أو تجليات العبث في الحياة وسؤال الوجود والموت، روايات قد ترد في حكايات الناس، بل إن رواية عربية ليوسف السباعي تطرقت الى الموضوع نفسه، لكنها لم تكن بهذا القدر من التأثير والفطنة والحنكة.
العمى
لا تبتعد «الموت في إجازة» كثيراً عن رواية «العمى» (الكافكوية) التي لاقت شهرة عالمية، وعمل البعض في العالم العربي على استنساخها. قال ساراماغو: «الاستعارة هي أفضل الطرق لتوصيل الحقيقة»، وروايته «العمى» أحد أعماله التي تجسد هذه الفكرة لديه، فهو يستعير العمى الظاهري للإشارة إلى عمى أعمق لدى الإنسان، حين يحوّل سكان مدينة بأكملها إلى مملكة من العميان، عدا امرأة يدعوها ساراماغو، وهي التي تبقى مبصرة طوال العمل، وشاهدة على الأرض الخراب حين يفقد الجميع حاسة البصر، وهنا تحديداً استعارة لفقدان فضيلة البصيرة.
في الرواية، يُصاب رجل في مدينة ما بعمى مفاجئ من نوع غريب (عمى أبيض) تفريقاً له عن العمى الأسود المعتاد، وهو واقف بسيارته عند إشارة المرور بانتظار الإشارة الخضراء للانطلاق: «ما نسميه عمى هو ببساطة شيء ما يغطي مظهر الأشياء وكينونتها، يتركها سليمة خلف حجاب أسود. هذا هو ذا الآن وعلى العكس غارق في بياض مبهر مطبق، بياض يبتلع بدلاً من أن يمتص، لا الألوان فحسب وإنما أيضاً الأشياء والكائنات كلها وهكذا يجعلها غير مرئية مرتين».
الرجل الأول الذي أصيب بالعمى يُدعى «الأعمى الأول» والرجل الذي أوصله إلى بيته، ثم سرق سيارته وأصيب بالعمى بدوره يُدعى «الرجل الذي سرق السيارة»، وثمة أيضاً «زوجة الأعمى الأول» و{الرجل ذو العين المعصوبة» و{الفتاة ذات النظارة السوداء» و{الطفل الأحول» و{الطبيب» و{زوجة الطبيب»، كلها شخصيات روائية بلا أسماء، إنها مجرد أشباح هائمة في المدينة، ليس لها سوى صفات وألقاب لتمييزها عن بعضها البعض. وفي هذه الرواية استخدم ساراماغو الوسائل الأدبية الممكنة كافة ليجعل القارئ يعيش تجربة العمى المفاجئ.
ذكريات صغيرة
حين كتب ساراماغو «الذكريات الصغيرة» تجاهل الأمجاد الأدبية، والشهرة الواسعة، والحصيلة التي تجاوزت الأربعين كتاباً، وراح يغوص في أعماق ذاكرته المتدفقة بحثاً عن تفاصيل مغامرات طفولية، وذكريات باهتة بالكاد يتبيّنها خلف حجب الزمن السميكة. قال: «هذا الكتاب يحكي عن الطفل الذي كنته، كأفضل وسيلة لأفهم نفسي، وعلى رغم أن ثمة من يعتقد بأن السنوات الأولى من حياتنا، سنوات البراءة، هي فترة نعيشها وننساها، فأنا أعتقد عكس ذلك تماماً»، فهو يؤمن بقول وضعه في مستهل كتابه: «أترك زمام أمرك للطفل الذي كنته». وفقاً لذلك، فهو في هذه السيرة يُطلق العنان للطفل في داخله، كي يعيد ترتيب فصول الألم والمعاناة، ويشيّد مجدداً عوالم الطفولة البيضاء.
مواقف
لم يكن ساراماغو صاحب كتاب «الكهف» و{العمى» و{كل الأسماء» الذي له قراء كثر في العالم، يتردد في التعبير عمَّا يراوده. فشهرته الواسعة، لم تكن أدبية فحسب، بل ثمة دور كبير للسياسة فيها: فارتباطه اليساري (عضو في الحزب الشيوعي البرتغالي منذ العام 1969) ساهم أيضاً في بلورة هذه الشهرة، خصوصاً أنه كان أحد الذين حركوا «ثورة القرنفل» التي ألغت دكتاتورية سالازار في 25 (أبريل) نيسان عام 1974. كذلك، لم يكتم يوماً حذره من الوحدة الأوروبية التي هاجم فيها انزياحها الليبرالي. كذلك نجد معاداته للعولمة وهو أحد الذين صاغوا بيان بورتو أليغري. وكان بطل المعاداة للكنيسة الكاثوليكية، والتصريحات ضد الدولة العبرية وما تقوم به ضد الفلسطينيين، من أنها تعيد إنتاج نازية جديدة، أثارت حنق كثيرين لم يتوقف لغاية الآن. فلم يتوان الروائي الراحل عن وصف رئيس الحكومة الإيطالي سيلفيو برلوسكوني بأنه «منحرف» و{فيروس» يهدد «بالقضاء على جوهر إحدى أغنى ثقافات العالم»، ذلك بعد نشر صور لنساء عاريات الصدر في فيلا برلوسكوني في سردينيا في إيطاليا. واعتبر ساراماغو نهاية العام 2008 أن الأزمة الاقتصادية، وكانت في بداياتها حينها، «جريمة مالية ضد الإنسانية ويجب أن يحاكم عليها».
ومنذ عام 2008، كتب ساراماغو في مدونة إلكترونية تعبيراً عن غضبه إزاء عالم «يولد فيه ملايين الأشخاص ليعانوا من دون أن يهتم أحد لأمرهم».
المواقف السياسية التي تبناها ساراماغو تثير الزوابع. وكثير من صفحات مدوّنته التي يضمها كتابه «الدفتر» هي ردود أفعال على بعض الأحداث وانتقادات لاذعة ضد بعض القادة (برلسكوني، بوش، أزنار) الذين لا يغفر لهم مطلقاً. لكن نظرته الموغلة في طابعها الشخصي والنقدي إلى التوراة هي التي تثير الجدل: في 1993، رحل إلى جزر الكاناري، في لانزاروت، للاحتجاج ضد أشكال الرقابة على كتابه «الإنجيل برواية المسيح». كان يؤكد أنه يكتب ليفهم عالماً يصفه بأنه «مقر الجحيم»، في روايات تقترب من الخيال وتدعو الى الصحوة والتمرّد. وفي خطابه بمناسبة فوزه بنوبل 1998، تحدث ساراماغو عن سنوات الطفولة واستذكر وفاة جدّه جيرونيمو بهذه الكلمات: «ذهب إلى حديقة بيته. ثمة بضع شجرات: أشجار تين وزيتون. ذهب إليها واحدة واحدة واحتضنها ليقول لها وداعاً، لأنه كان يعرف أنه لن يعود. إن رأيت شيئاً كهذا وإن عشته ولمْ يترك فيك ندباً إلى آخر العمر، فإنك رجل بلا إحساس».
ساراماغو ودّع الأشجار...
مقاطع من سيرة
عندما حصل ساراماغو على جائزة نوبل عام 1998 كتب سيرته، يقول فيها: «ولدت في كنف أسرة فلاحية فقيرة، لا تملك أرضاً، في أزنهاغا، وهي قرية صغيرة في محافظة ريباتييو، على الضفة اليمنى من نهر الموندا، تبعد حوالى مائة كيلومتر شرق شمال لشبونة. إسم والدي خوزيه دي سوزيه ووالدتي ماريا دابيداده. وبهذا يكون من الآن إسمي خوزيه دي سوزيه وليس كما أضاف مسجل النفوس في البداية اللقب الذي عرف به والدي في القرية: ساراماغو.(...).
وعلى رغم أنني جئت الى هذا العالم في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، إلا أن وثائقي الرسمية تظهر أنني ولدت بعد يومين ابتداءً من تاريخ 18 من الشهر المذكور. وهذه الحيلة البسيطة، جعلت عائلتي تهرب من دفع الغرامة لأنها لم تسجل اسمي في الوقت المحدد له.
وفي عام 1947 ولد طفلي الوحيد فيولينت، وظهر كتابي الأول، وهو رواية اسمها «الأرملة} ، لكن لأسباب تحريرية ظهرت بعنوان «أرض الخطيئة». كذلك كتبت رواية أخرى، «المشكاة». وبدأت بتأليف رواية أخرى، لكنها لم تتجاوز الصفحات الأولى: ومن المؤمل أن يكون عنوانها «العسل والمرارة». وقد استقر الأمر بي، عندما تخليت عن المشروع، وأصبح الأمر واضحاً بالنسبة إلي أن ليس لدي ما أقوله. وعندما أردت أن أطبع مجموعتي الشعرية عام 1966 كنت غائباً عن المشهد الثقافي البرتغالي، فقلة من الناس قد انتبهت الى غيابي.
وفي نهاية الخمسينيات بدأت العمل كمدير إنتاج في دار للنشر، estuddios Cor وهكذا كانت العودة إلى الأدب. لكن ليس بوصفي مؤلفاً في مجال الأدب والثقافة الذي غادرته قبل سنوات. وهذا النشاط الجديد، سمح لي بالتعرف إلى أهم الكتاب البرتغاليين. وفي عام 1955، أخذت موازنة أسرتي تتحسن، ووفرت لي أيضاً التمتع في مجال هواياتي الأدبية. وبدأت بتمضية وقت الفراغ في الترجمة. وهي النشاط الذي امتد حتى عام 1981، فقد ترجمت بعض أعمال كبار المؤلفين (...). وفي عام 1968، طبعت مجموعة شعرية أطلقت عليها اسم «القصائد الممكنة». وهي القصائد التي باشرت عبرها عودتي الى مجال الأدب. وبعد ذلك، وفي 1970، صدرت لي مجموعة شعرية «ربما بهجة « وبعد فترة وجيزة، وفي عامي 1971 و1973 وبعنوان «من هذا العالم والعالم الآخر» و{حقيبة المسافر» صدرت هاتان المجموعتان الشعريتان على التوالي، فضلاً عن مجموعة من المقالات الصحافية التي اعتبرها النقاد بشكل جوهري المفتاح لفهم أعمالي الأخيرة. وبعد طلاقي في عام 1970، شرعت في علاقة استمرت حتى 1986، مع الكاتبة البرتغالية إيزابيل ده نوبريغا .
وبعد مغادرتي دار النشر في نهاية عام 1971، عملت مديراً ومحرراً في ملحق الصحيفة المسائية «داريو دي ليسبو» الثقافي، لسنتين متتاليتين .
وطبعت في عام 1974 ، وبعنوان The Opinions the Dl Had وهي النصوص التي تمثل «قراءة» متأنية جداً للزمن الأخير للدكتاتورية التي كان المفروض أن تسقط في شهر أبريل (نيسان). وفي أبريل عام 1975، أصبحت نائب مدير تحريرالصحيفة الصباحية Diario de Noticias وهو المنصب الذي شغلته حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وفيه طردت من الوظيفة، بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في 25 نوفمبر، وتبع ذلك إغلاق الصحف الثورية. ونشرت خلال هذه المرحلة كتابين: «العام 1993»، قصيدة طويلة نشرت عام 1975. وبعد مرور سنتين ظهرت «لوحة الرسم والخط اليدوي». كذلك صدر لي «ملاحظات» ومواضيع سياسية طبعتها في الصحيفة التي كنت أشغل إدارتها .
ومجدداً، أمسيت تحت طائلة البطالة، وتحملت عبء الوضع السياسي من دون بارقة أمل في الحصول على عمل، وقررت أن أكرس نفسي للأدب: كنت على وشك أن أكتشف قدراتي الأدبية في هذا الوقت، بما أنني أصبحت كاتباً. وفي مستهل 1976، استقريت لأسابيع قليلة في لافري وهي قرية ريفية في محافظة الينتيو. كانت فترة للدراسة والمراقبة جمعت خلالها ملاحظات كانت الخلفية لكتابة رواية «النهوض من القاع} في عام 1980، وفيها ظهرت مميزات طريقتي في السرد الروائي في هذه الغضون وتحديداً في عام 1978، طبعت مجموعة قصص قصيرة، أطلقت عليها عنوان Quasi Object، وفي عام 1979 مسرحية «الليل»، وبعد أشهر قليلة من صدور رواية «النهوض من القاع» صدرت لي مسرحية جديدة بعنوان «ماذا سأفعل بهذا الكتاب؟»، إضافة الى مسرحية «الحياة الثانية لحياة فرانسيس الأسيزي» التي طبعت عام 1987، وفي الثمانينات، تفرغت كلياً لكتابة رواية «بلتزار و بليموندا « وفي عام 1982، رواية «موت ريكاردو ريس»، وفي 1984 «حجر الطمث} وفي عام 1986 «تاريخ حصار مدينة لشبونه». عام 1986 التقيت الصحافية الإسبانية بيلار ديل ريو وتزوجت منها في عام 1988 (...)، وفي عام 1995، صدرت روايتي «الأعمى»، وفي عام 1997 «كل الأسماء». وفي عام 1995 حصلت على جائزة كامي وفي عام 1998 على جائزة نوبل للآداب».
ليست هناك تعليقات