الرقابة تقلب العالم وتجعل الخيال واقعياً إذا كان تعريف الأدب أنه سرد خيالي، فالثورة الإسلامية في الجمهورية الإيرانية جعلت العيش مثل رواي...
الرقابة تقلب العالم وتجعل الخيال
واقعياً
إذا كان تعريف الأدب أنه سرد خيالي، فالثورة الإسلامية في الجمهورية الإيرانية جعلت العيش مثل رواية خيالية لأنها أدخلت الغربة إلى نفوس الكثيرين وجعلتهم يعيشون اللاواقعية الهشة التي تحدث عنها نابوكوف مؤلف "لوليتا". هذا ما اكتشفته آذر نفيسي إثر تدريسها الأدب وخصوصاً رواية "لوليتا". أيقنت أن الهروب الى الأدب أكثر واقعية من الواقع الخارجي".
عندما تُذكر رواية "لوليتا" يذهب بنا التفكير نحو "البيدوفيليا" أو الاغتصاب أو ممارسة زنى المحارم، فموضوع الرواية هو عشق همبرت، زوج الأم، المَرَضي للطفلة ذات الاثني عشر عاماً. علماً أن البعض يزعم أنها قصة طفلة لعوب أغوت البطل وأساءت اليه كرجل محترم وشاعر حساس، لذا فهي تستحق كل ما يجري لها. هذا بالضبط ما يجعلنا نتساءل، ما علاقة هذه الرواية لتكون عنواناً لكتاب يعالج الرقابة في إيران بشكل أساسي؟ المشترك بين الوضعيتين، أن ما قام به البطل لم يكن مجرد اغتصاب، إنه "مصادرة" لحياة لوليتا ومستقبلها وأحلامها من خلال سيطرته عليها وتملكه لتاريخها الحقيقي وتحويلها نسخة من حبيبته الطفلة عندما كان هو طفلاً. تؤكد نفيسي في كتابها "ان تقرأ لوليتا في طهران" أن هذا تماماً ما حصل معهن: مصادرة ماضيهن، ليس فقط بجعله مثل حلم ضائع، إنما بتحويله فراغات ونقصاً لشيء ما. يحل الفراغ لمن له ماضٍ مثل الكاتبة. أما الأصغر في السن والذين ولدوا بعد الثورة فهم جيل بلا ماضٍ ولا تتعدى ذكرياتهم ان تكون رغبات غير واضحة ولم تتحقق، شيء لم يحظوا به مطلقا.
بطريقة ما، تحوّل تاريخ إيران الحقيقي أمراً ثانوياً لمن استحوذوا عليه، مثلما حصل مع ماضي لوليتا وحياتها: "كنا مثل لوليتا ننأى بأنفسنا بحثا عن جيوب صغيرة للحرية. ولم نكن ندخر وسعا للتمايل طربا بتمردنا، كنا نظهر شيئا من خصلات شعرنا من تحت الإيشاربات أو ندسّ قليلا من اللون في ذلك التشابه الممل القاتم في مظهرنا أو نطيل أظفارنا او نستمع الى موسيقى ممنوعة أو نحب ببساطة".
فقائمة الممنوعات في إيران كانت طويلة، والكثير من الأمور خاضعة للرقابة: أكل الآيس كريم علناً والضحك علناً أو الركض، قضم التفاحة "المغوية"، الوقوع في الحب، تشابك الأيدي، استخدام أحمر الشفاه وبالطبع قراءة "لوليتا" ومعظم كتب الأدب العالمية "الامبريالية".
إذا كان تعريف الأدب أنه سرد خيالي، فالثورة الإسلامية في الجمهورية الإيرانية جعلت العيش مثل رواية خيالية لأنها أدخلت الغربة إلى نفوس الكثيرين وجعلتهم يعيشون اللاواقعية الهشة التي تحدث عنها نابوكوف مؤلف "لوليتا". هذا ما اكتشفته آذر نفيسي إثر تدريسها الأدب وخصوصاً رواية "لوليتا". أيقنت أن الهروب الى الأدب أكثر واقعية من الواقع الخارجي".
عندما تُذكر رواية "لوليتا" يذهب بنا التفكير نحو "البيدوفيليا" أو الاغتصاب أو ممارسة زنى المحارم، فموضوع الرواية هو عشق همبرت، زوج الأم، المَرَضي للطفلة ذات الاثني عشر عاماً. علماً أن البعض يزعم أنها قصة طفلة لعوب أغوت البطل وأساءت اليه كرجل محترم وشاعر حساس، لذا فهي تستحق كل ما يجري لها. هذا بالضبط ما يجعلنا نتساءل، ما علاقة هذه الرواية لتكون عنواناً لكتاب يعالج الرقابة في إيران بشكل أساسي؟ المشترك بين الوضعيتين، أن ما قام به البطل لم يكن مجرد اغتصاب، إنه "مصادرة" لحياة لوليتا ومستقبلها وأحلامها من خلال سيطرته عليها وتملكه لتاريخها الحقيقي وتحويلها نسخة من حبيبته الطفلة عندما كان هو طفلاً. تؤكد نفيسي في كتابها "ان تقرأ لوليتا في طهران" أن هذا تماماً ما حصل معهن: مصادرة ماضيهن، ليس فقط بجعله مثل حلم ضائع، إنما بتحويله فراغات ونقصاً لشيء ما. يحل الفراغ لمن له ماضٍ مثل الكاتبة. أما الأصغر في السن والذين ولدوا بعد الثورة فهم جيل بلا ماضٍ ولا تتعدى ذكرياتهم ان تكون رغبات غير واضحة ولم تتحقق، شيء لم يحظوا به مطلقا.
بطريقة ما، تحوّل تاريخ إيران الحقيقي أمراً ثانوياً لمن استحوذوا عليه، مثلما حصل مع ماضي لوليتا وحياتها: "كنا مثل لوليتا ننأى بأنفسنا بحثا عن جيوب صغيرة للحرية. ولم نكن ندخر وسعا للتمايل طربا بتمردنا، كنا نظهر شيئا من خصلات شعرنا من تحت الإيشاربات أو ندسّ قليلا من اللون في ذلك التشابه الممل القاتم في مظهرنا أو نطيل أظفارنا او نستمع الى موسيقى ممنوعة أو نحب ببساطة".
فقائمة الممنوعات في إيران كانت طويلة، والكثير من الأمور خاضعة للرقابة: أكل الآيس كريم علناً والضحك علناً أو الركض، قضم التفاحة "المغوية"، الوقوع في الحب، تشابك الأيدي، استخدام أحمر الشفاه وبالطبع قراءة "لوليتا" ومعظم كتب الأدب العالمية "الامبريالية".
ليست هناك تعليقات