ب.ش HAPPY IRAN، يكفي هذا العنوان ليجرح حياء أطهار ولاية الفقيه في إيران، فما بالك إذا كان هذا العنوان «طبع» على تسجيلات فيديو لشبان و...
ب.ش
شبان وشابات يرقصون في إيران «سعيدة»! وبموسيقى «غربية»، وكلمات غربية، ورقص غربي،! يا للهول! فهؤلاء لم يتعرّوا. ولم يرتدوا، «ثياباً» فاضحة،! رقصوا. فرحوا. غنوا. قفزوا. احتفلوا بشيء ممنوع في روحهم. بشي محظور في حرياتهم اليومية الصغيرة. بشيء أعطاهم لحظة قصيرة إحساساً بوجودهم. حتى كلمات الأغنية عادية. لا ابتذال في كلماتها ومعانيها. الرقص + الغناء + الفرح = الفحشاء!
اف! رائعّ! ولا يكفي انهم فرحوا ورقصوا وغنوا، وانما سجلوا رقصهم بالفيديو وثبتوه على الفيس بوك.
«يا للعار»! قال أطهار ولاية الفقيه «يا للفضيحة» ردد أهل العفة من الحرس الثوري. «يا للكفر» زعق بعض «الأصوليين» من شبيحة النظام. ان هؤلاء يهددون جذور ثورتهم برقصة. يُقوّضون مبادئهم بأغنية. انها الفحشاء بعينها. انها «الكبيرة». ذلك أن هذه «الفرحة» البريئة، والسعادة الخاطفة، والحركة الايقاعية خدشت حياء أهل الحياء. خدشت «خجلهم»، ولوثت طهارتهم. وعفتهم. وشوهت قيمهم «الإسلامية» الفارسية لمصلحة الثقافة الغربية. إذاً رقصة بستة شبان تهدد ثقافة إسلامية عمرها مئات القرون. وَلَو! أإلى هذه الدرجة جعلتم «الإسلام» العظيم ذا الانجازات الحضارية الكبرى على مثل هذه الهشاشة! السؤال: «أنتم الهشاشة أم الإسلام» إجعلكم الإسلام متينين أم جعلتم الإسلام هشاً، بافكاركم الضحلة، وبثقافتكم الفقهية الضعيفة. ومن قال لكم ان الإسلام لم يستوعب الحداثات القديمة (من فارسية، ويونانية وهندية وسومرية..) والحداثات الجديدة. الم يكن الإسلام في نشأته وجهاً من وجوه الثورة وثار على القيم البالية، والعلاقات «القديمة» (راجعوا القرآن جيداً!) اذا انتم ترون إلى الإسلام وكأنه «إناء» مشعور تكسره أي نقرة! فلو كان على هذه الحال لما اخترق مئات القرون وغزا العالم ونافس بقوة واستحقاق الحضارات الأخرى. انه الطغيان، والاستبداد، والتخلف، والنفاق، والجهل وأحادية القراءة، وقولبة النصوص المفتوحة، الغنية بتأويلاتها، هي عدو الإسلام، وهو الذي يجب أن يخدش الكرامة والايمان والمعرفة. وليس العكس. تتكلمون عن «الثقافة الغربية» وأنتم صنيعة من صنائعها. من صنائع استبداديات القرن العشرين، وشمولياته ابتداء بالنازية والفاشية وانتهاء بديكتاتوريات العالم الثالث. واذا كانت الثقافة الغربية «تهددكم»، فقاطعوا التكنولوجيا الغربية، والسيارات، والطائرات، والأدوية، والتلفزيونات والفايس بوك، ووسائل الاتصالات والسيارات!
... أترى هذه التكنولوجيا الم تستخدموا بعضها في بداية الثورة الخمينية كوسيلة اتصال بالناس: ألم يسجل الخميني على الكاسيتات (وهل هي صناعة إسلامية!)، في باريس نفسها وتمّ توزيعها في إيران!...
كل ذلك لا يهدد الثقافة الإسلامية، وأنتم تستهلكونها بشراهة ومتعة، وستة شبان يرقصون على وقع أغنية.. هم مسؤولون عن «الفحشاء» لأنهم يغنون أغنية أميركية. (لماذا تحالفتم إذاً مع أميركا تحالفاً مقدساً لإسقاط نظام صدام حسين، ومن ثم لدعم المالكي: وهذا التحالف مع الشيطان الأكبر ألا يهدد ثقافتكم الثورية.
إنه الاستبداد الغبي والتافه الذي يتحكم بهؤلاء «المحافظين» (قلت محافظين! بل رجعيون) الذي جعلهم يعتقلون هؤلاء الذين أرادوا أن يعبروا بطريقة شفافة سلمية عن حبهم للحياة. وعن أملهم بإيران لا يسودها ثقافة الموتى والموت والماضي الميت والمبادئ الحجرية والذهنيات الخشبية والتوجهات القمعية!
هؤلاء الشبان والشابات رقصوا بفرح كأنما يريدون أن يكتشفوا أجسادهم، وحواسهم، وشغفهم بالحياة، إزاء ثقافة الموت والموتى. لكن هؤلاء الشبان لم يعتدوا على أحد. ولم يقتلوا أحداً. ولم يغتالوا أحداً. وربما هذه هي نقطة ضعفهم، وخروجهم على الأعراف في النظام العدواني، في نظام الاغتيالات، في نظام الاعتداء على الشعوب، وقمع شعبه!
إنهم يرقصون بخفة الفراشات. ويغنون ببحة الطيور. ويفرحون بكل كيانهم. وهذا مأخذ عليهم. كان عليهم أن يجاروا النظام الذي يحارب ويقتل الشعب السوري (من خلال ميليشياته والحرس الثوري وحزب الله العظيم الموقر!)، ويرقصوا على دم الأطفال، وهم يذبحون، وعلى المجازر الجماعية التي يشارك فيها «نظام الحياء» ويغنون بدمائهم، ويحتفلوا بمشهدية الأطفال وهم يختنقون بالقصف الكيماوي، وبالكلور. أكان على هؤلاء الشباب أن يحملوا أقدامهم وأجسامهم وأصواتهم ويؤدوا أجمل الرقصات على أطلال سوريا، ودمارها، وخرابها، مع شبيحة النظام وحزب الله، احتفالاً بالنصر...
لكنهم، ولكي يعبروا عن تعلقهم بإيران الشعب الحضاري، بإيران القيم الحضارية، بإيران السلمية، اختاروا الحياة، ثقافة الحياة... الرقص، (وهل خلت ايران من الرقص؟ ومتى ولماذا؟) والغناء... هؤلاء الشبان جزء من الثورة الخضراء المقموعة بالقتل والحديد والنار والاغتيالات وفتح السجون (ما زال ملالي الفقيه يحتجزون مؤسسي الجمهورية الإسلامية! أترى لأن كلامهم على الحرية... ما زال يخدش آذان الدكتاتورية والاستبداديين وجلادي هذا الزمن الذي بدأ يطوي صفحة هؤلاء! غربان الزمن البالي. غربان الإيديولوجيات الغربية.
ومن قال أن الجمهورية الإسلامية ليست في جوانب عديدة غربية!
ولفظة «الجمهورية» أليست يونانية؟! وتعني حكم الشعب، طبعاً، لا حكم الملالي!
أكثر: والعرب والإسلام ألم يساهموا في صنع الحضارة الغربية، الفلسفية والعلمية والفكرية!
ومن قال لكم أيها الجهلة أن الثقافات والحضارات تفصل عن بعضها وكأنها قطع خشب، ومن قال لكم أن كل حضارة لا تقوم بنهضتها إلا عبر انفتاحها على الآخر!
مفهومكم للتاريخ ميت وجامد كمستنقع انقطعت عنه كل روافده!
ليست هناك تعليقات