بقلم مهند الفياض ليست لقب لبطلة في عصور الثورات الأوربية . و ليست تكراراً لحالة جان دارك الثورة الفرنسية .. هي من هؤلاء الذين يو...
بقلم مهند الفياض
ليست لقب لبطلة في عصور الثورات الأوربية . و ليست تكراراً لحالة جان دارك الثورة الفرنسية .. هي من هؤلاء الذين يولدون في عصور الأزمات منتمين إلى الفكرة و ثابتين على الهدف , يكسرون صمت المستحيل و يعبرون بهِ إلى الممكن.
ياسمين بنشي، وتذكروا هذا الاسم جيداً.
فتاةٌ سورية ابنة الثورة الشرعية، وإحدى اللواتي عملنَّ بين أنياب المارد قصة دراماتيكية وأكثر. شابة حقوقية ويتيمة الأبوين عملت ضمن المنظومة السرية في الثورة تستقطب المعلومات عن إمكانات النظام العسكرية واستطلاع أخبار المعتقلين خلف قضبان السجون ترسلها إلى الثوار المقاتلين وكافة الهيئات العاملة ضمن الملف الإنساني السوري، عاشقة للعمل الثوري في كافة الاتجاهات بين أحياء مدينة اللاذقية التي تعد معقل النظام الحصين. كانت ياسمين تعملُ هناك من وراء القلعة الحديدية بصمت ... محركها الشجاعة والعبور نحو الهدف في حالة فردية خصبة الحلم ... حتى اعتقالها وإيداعها في سجون النظام بقلب دمشق.
تسعة أشهر كانت كافية لعدم توقفها عن إثارة النزعة الثورية ومتابعة العمل في جمع الإحصاءات عن عميلات النظام من القوة العسكرية. وحالات المعتقلات وملابسات عمليات الاعتقال وإشاعة رفع الروح المعنوية لزميلاتها في السجن رغم عمليات التعذيب التي لا تخفى وحشيتها في سجون بلاد تعاني الحرب والموت والدم. وقصص خارج المنطق الانساني وشرائع الاحترام للإنسان.
خرجت ياسمين في إطار صفقة التبادل مع راهبات معلولا. لتجد نفسها تقع في قصة لا تقل في خيباتها الشخصية عما كانت تعانيه قبل أيام عندما اعتقلتها كتائب أحرار الشام الاسلامية على الحدود السورية التركية وهي تهم بمغادرة بلادها في منفى مؤقت بعيداً عن الصراع وقريباً من مكان آخر ستعمل به لأجل قضيتها. و كانت التهمة الموصوفة من الحركة هي ما دانها بهِ النظام السوري. استمر الاعتقال أحد عشر يوماً ... حتى أفرج عنها بعد جهود كثيرة قضت بتبرئتها.
ياسمين الان بخير ’لكن بحكم الأقدار التي لا تعترف بالسلامة لمن يعملون ضمن القضايا الثورية، الذين لا يحكمهم الابتعاد عن قضيتهم في صراعات الوصول نحو الهدف.
أمثال هؤلاء الذين يبنون من أجسادهم أبراجاً من النار ليبقى الطريق مليئاً بالنور لجميع العابرين في الرحلة الشاقة الطويلة.
عندما استدعى القيصر نيقولاي الأول الشاعر بوشكين في أعقاب هزيمة انتفاضة الديسمبريين ضد القياصرة، وسأله: "لو كنت في بطرسبرغ إبانَ الانتفاضة فأين سيكونُ موقفك!
فأجاب الشاعر بلا تردد: سيكون موقفي إلى جانبهم يا مولاي.
هؤلاء هم الحالمون .. لا توقف مسيرتهم نحو الشمس دروب الألام لأنهم دون اختيار ينتمون إلى القدر والتاريخ الذي يصنعونه بإرادتهم.
ليست هناك تعليقات