"يقول الحمقى ، انهم لا يتعلمون الا من تجاربهم الخاصة، اما انا فأفضل الاستفادة من تجارب الآخرين" هذا القول المأثور لبسمارك ال...
"يقول الحمقى، انهم لا يتعلمون الا من تجاربهم الخاصة،
اما انا فأفضل الاستفادة من تجارب الآخرين"
هذا القول المأثور لبسمارك الذي ينطبق على المسائل العسكرية مثلما ينطبق على
أمور اخرى، وللتجربة وجهان "عملي" و "نظري "وتنير حكمة بسمارك ضوءا جديدا حول هذه المسألة،
لأنها تكشف عن نوعين من التجربة العملية، هما التجربة المباشرة، والتجربة الغير مباشرة،
وقد تكون الثانية افضل من الأولى لأنها اكثر شمولاً واتساعا. وينطبق هذا على كافة الأمور
العملية، وعلى الخدمة العسكرية بشكل خاص، وهذا ما سنناقشه بين هذه الأسطر المبعثرة .
اذا اخذنا حكمة موحد المانيا ووضعناها على جدار الواقع، تظهر لنا
ملامح حزب الله اللبناني الذي اعتمد على تجارب الآخرين وعلى تجربته الخاصة وصولا الى تأسيس مدرسة خاصة به من خلال تراكم التجارب
في مقاومة الاحتلال وتعبئة الحاضنة الشعبية بما يتلاءم مع حجم انجازاته وتضحياته وقد
اختبر بالتجربة الملموسة قيمة ودور هذه الحاضنة بمقابل جيش الاحتلال والقتال على ارض
الغير .
وفي الوقت الذي يعيش
فيه "حزب الله" وحاضنته الشعبية
وعموم الشعب اللبناني والعربي نشوة النصر والتحرير، ويخضع هذا الانجاز والتجربة للدراسة
والتحليل والنقاش من الاختصايين، امتشق "حزب الله" سلاحه وهو المعترف بالكيان
اللبناني القائم بحدوده وتركيبته البشرية ودخل
المعركة المستعرة في دولة اخرى هي سوريا بين الشعب والنظام الى جانب هذا النظام الدكتاتوري
تحت حجة حماية المقامات الشيعية المقدسة، واليوم ينشر قواته على كافة الاراضي الأراضي
السورية ويسقط شهدائه في "الواجب المقدس" بين مقام السيدة زينب و "مقام
" حافظ الاسد مروراً بكل المدن والقرى الفاصلة بين المقامين، وبهذا التدخل أعطى
الحزب للحرب الصبغة الطائفية وبين ليلة وضحاها، تحول هذا الحزب من حزب مقاومة تعلق
صور رموزه وقادته على الجدران العربية الى حزب مذهبي محتل يساهم في قمع وإبادة شعب
يريد تغيير نظامه. وتحول الى قوة تشبه الاحتلال تطالبه قوى المعارضة والمجتمع الدولي
للانسحاب من سوريا مع كل القوى المرتزقة، فهل هذه هي نهاية تجربة المقاومة الرائدة؟
مرتزقة؟ وكان سيد المقاومة قد خرج ليحذر عبر الشاشات القاعدة وتفرعاتها من فخ ينصب
لها في سوريا، وذهب بإرادته "المعلنة" ليلاقي من حذرهم وسط الفخ المنصوب،
وبدأ الطرفان بتسجيل النقاط والانتصارات على بعضهما البعض بظل صمت العالم واستمتاعه
ودعمه .
هذا الحزب ومن سبقه
بالمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي فرضوا على المجتمع الاسرائيلي المكون من حوالي الخمسة
ملايين صهيوني افراز "حركة السلام الان " ضد احتلال لبنان ووسيلة ضغط على
حكومة الاحتلال من اجل سحب قواتها من "وادي الدموع " كما اطلقوا على لبنان
بعد مقتل عدة مئات من جنود الاحتلال على ايدي ابطال المقاومة بألوانها المختلفة، ومن
ثم ظهرت حركة "امهات الجنود القتلى"
للمطالبة والضغط على الحكومة الصهيونية بسحب جيشها من الحزام الامني المصطنع
انذاك في الجنوب اللبناني بسبب تزايد اعداد القتلى من ابنائهم بسلاح المقاومة، فهل يستطيع حزب الله المنبسق من
حوالي المليون شيعي مقيمين في لبنان بتلاوينهم وتياراتهم الفكرية والسياسية تحمل اعباء
انتشار على مساحة سوريا وتحمل اعباء الضحايا من قتلى وجرحى الذين تخطوا الالاف وعداد
موت يتراكم رقمه يوميا وحرب استنزاف مفتوحة غير واضحة النهاية والأفق . فأين امهات
الضحايا في ساحات "الجهاد المقدس"؟ وهل سياسة كم الافواه هي السائدة بفتوى
شرعية؟ ام هي سياسة التهويل والترغيب والتعويض؟ ام هي الميكافيلية بأبهى صورها والحاجة
للنظام السوري تبرر التضحية بألاف الشبان ؟ ام هذا هو العقل العربي بأفضل تجلياته اي
العمل والقتال دون اعتبار لقيمة الانسان لدى كل المجموعات المتقاتلة على الاراضي السورية؟
وهل الجندي الاسرائيلي اغلى من المواطن اللبناني عند امه وشعبه ودولته؟ ودخول "حزب
الله" في الازمة السورية خفف الحقد والكراهية بين النظام ومعارضيه حيث تحول هذا
الكره والحقد الى حزب الله هذا ما يردده العديد من النازحين ان لم نقل كلهم، ويحملوه
مسؤولية نزوحهم وهروبهم خوفا من بطشه و"اجرامه" ولولا وجوده هناك لما نزحوا،
فهل يستطيع "حزب الله" تحمل اعباء العداء وتعميق الشرخ بين مليون شيعي لبناني
وثلاثة وعشرون مليون سوري؟
فهل نحن حمقى لمرحلة
ان ننسى تجاربنا الممزوجة بالدماء؟ وهل نحن
حمقى لمرحلة الوقوع بالأفخاخ المنصوبة لنا؟ ام نحن مجرد ارقام وجدنا لنكون وقودا لرغبات
ومصالح الغير؟
(*) ناشط ثقافي
ليست هناك تعليقات