Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

عدنان بعيون... "زمن كشاش الحمام"

وقد درجت في قريتي الساحلية بيروت عادة تربية "الحمام" على أسطح المنازل هذا قبل ان تغزو أبراج ألأسمنت وغابات الباطون وأعمدة الإر...

وقد درجت في قريتي الساحلية بيروت عادة تربية "الحمام" على أسطح المنازل هذا قبل ان تغزو أبراج ألأسمنت وغابات الباطون وأعمدة الإرسال الهوائية الشوارع والطرقات, ليصبح تطيير أسراب الحمام أمرا شبه مستحيل.
ومن عادة مربّين الحمام أو "الكشّيشه" كما يطيب القول أن يطيّروا الحمام أسرابا عصر كل أمسية ألى ما قبل المغيب بقليل, وكان السرب يطير فوق سطح المنزل على علو شاهق في أغلب ألأحيان ويدور في فلك قطر يتجاوز الكيلومتر.

ومن أهم أدبيات كشّيشة الحمام أن يسرقوا "يكشّوا" الحمام من أسراب مجاورة لكشّيشة من أحياء اخرى, وذلك بتقنيات معقّدة جدا وحركات جسدية من أهمها الصفير المرتفع الذي يطلقونه من أفواههم أو باستعمال المقلاع الذي يقذفون به حبة بطاطا أو ليمونة حامضة ليجبروا سرب الحمام بالارتفاع اكثر، وهذه التقنيات اكتسبوها إما بالفطرة وإما بالتواتر عن ألآباء والأجداد.

وفي أمسية أحد ألأيام الصيفية يأتي "الحاج بكري" ألى منزل "نور الدين" بعد أن هبط الظلام صارخا متوعدا "بنور الدين" لأنه "كشّ" سرق له حمامة من سربه بعد أن باعه إياها, وكانت الحمامة من النوع النادر وثمنها لا بأس به.

وكان من عادة "نور الدين" تدخين الحشيشة كل أمسية في قن الحمام. ويا لهذا المنظر البديع واللحن الرائع عندما ترقد الحمامات ويبدأ الهديل... غغغغ غغغغغ غغغغغ غغغغغ... سيمفونية متناسقة طبيعية وتناغم تام منقطع النظير.

دخل "الحاج بكري" مزعوجا ممتعضا من سوء أمانة "نور الدين", صعد الى سطح منزله وطرق باب القن الخشبي المهتريء بقوة, فتح له نور الدين الذي استبق طلته سحب دخان كثيف, قبل أن يظهر وجهه الشاحب وعيونه الحمراوين, نظر "نور الدين" الى "الحاج بكري", مد لسانه وأغلق شفتيه وكح كحتين وأتبعهما بثالثة طويلة حتى بان وكانه يلفظ نفسه ألأخير.

صاح بوجهه "الحاج بكري" متهما إياه اتهاما وجاهيا "بكش" حمامته، فما ما كان من "نور الدين" إلا أن أنكر بقوة عاتبا على "الحاج بكري" بظنه السيئ.

لم يصدق "الحاج بكري" وطلب من نور الدين أن يبحث عن حمامته المفقودة بنفسه, دخل الحاج القن وبعد لحظات خرج حاملا حمامته المسكينة الذابلة بيده اليسرى ورافعا أصبع يده اليمنى صائحا بوجه نور الدين:

ألله يلعنك حرامي كيف رجعت لعندك هيدي!!

فأجاب نور الدين بعد أن كاد أن يسقط أرضاَ !


والله ما بعرف يا حاج بس أكيد, أكيد وألله العليم "خِرْمِتْ

ليست هناك تعليقات