Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

سارة النمس(*)... رقصتُ في الحانة حتى توقف قلبي

الحياةُ الأولى عشتُها كغجرية روسية، و السحرُ الأسودُ كان هوايتي، كنتُ صبيةً طويلةً شعري يشبهُ موجاً أسود يغطّي كل ظهري، كل رجلٍ ...


الحياةُ الأولى عشتُها كغجرية روسية، و السحرُ الأسودُ كان هوايتي، كنتُ صبيةً طويلةً شعري يشبهُ موجاً أسود يغطّي كل ظهري، كل رجلٍ يلمس خصلةً منه يموت بلعنةٍ ما! بشعري فقط قتلتُ ثمانين رجلاً وبسحري قتلتُ مائة و ثمانين، كنتُ أقرأ الكفّ والورق أيضاً و أرى ما لا تراهُ عرّافة في قريتنا إذ كنتُ إذا رأيتُ إعداماً أصفُ خشبَ الصليب، و أحددّ طول المسامير، و درجة الصدّأ، لونَ الحبال و كم من الدّم سينزفُ الرجل قبل أن يموت.

أتقنتُ الرقصَ في الحانات كان يقال لي أنّني كنتُ أرقص كأفعى، أطلقُ شعري للريح، أحرّكُ رأسي ببطء، أرفعُ ذراعيّ للسماء تتدحرجُ الأساور، يهتزُ صدري المكشوف يلمعُ العقدُ عليه، يميلُ خصري، أضربُ بقدمّي على الأرض تتزلزلُ أرضية الحانة، أرقص بروحي و بكل أطراف جسدي، والرجلُ يراقصني ندور في مكاننا أربعين مرّة دون أن أدوخ، أحدّق إلى عينيه إلى أن يثمل و لم يحتسِ الشرابَ بعد. يحملون الجندّي إلى غرفته، لأراقص جندياً آخر .

لم أعتقد يوماً أنيّ سأختبرُ ما يسمّونهُ حُب إلى أن تعرفتُ على رجلٍ نبيل، لا يشبهنا، و لا يتحدّث كما نتحدّث نحن، أغدقَ عليّ بالورودِ و الحرير والسكاكر الملوّنة، والأساور المرصعة، لم يكن يشبهُ رجالنا الغجر، كان نقياً وطيباً يعاملُ المرأة كما لو أنّها أميرة ينحني لها دائماً، يقبلّ يدها، ذاتَ يومٍ من شتاءٍ بارد، كنتُ أملأ جرّتي بالماء عندما التفتت ورأيته خلفي قد لامست أصابعه خصلاتٍ من شعري، لم يفهم أبداً لماذا رميتُ برأسي على صدره ورحتُ أبكي كأمٍ تبكي وليدها، ولا لماذا خلعتُ أثوابي أقطفُ ثمرة الحُب قبلَ أن تتعفن، اليومَ التالي أخبروني أنّ لصوصاً سرقوه وحرقوه في عربتِه حياً، شربتُ سمّاً أعددتُه بنفسي، ورقصتُ في الحانة حتى توقف قلبي عن النبض، هكذا تموتُ الغجريات .


******
زوجي الأوّل... علّمني كيف أسرحُ شعرَ الدمى و كيف أخبز الكوكيز والكاب كيك، كيفَ أختارُ ظلال العيونِ المناسبة لفستانِ السهرة، وأستبدل مستحضرات التجميل المحلية بالماركات الفرنسية الغالية، شعرتُ أنّه الصديقة التي طالما تمنيتُ أن أصادقها، بعدَ شهرٍ اكتشفتُ أنّه شاذ ففضحتُه.

زوجي الثاني... علّمني التصويب وكيفَ أفتحُ الأبواب المغلقة بدبوس شعري، كيف أديرُ الخنجرَ في قلب أحدهم كمفتاح! بعدَ سنةٍ حدث بيننا شجارٌ عنيف، كادَ يقتلني أبلغت عنه الشرطة فتمّ اعتقاله.

زوجي الثالث... علّمني كيفَ أتفلسف وشرحَ لي كل الأديان السماوية ثمّ طلقني ليعيش ما تبقى من عمرهِ متصوفاً، قال لي أنتِ المرأة التي يمكن أن تجعل الرجل يقضي بقية عمره راهباً! ولم أفهم لحدّ الآن هل كان بذلك يمدحني أم يذمّني؟

زوجي الرابع... علّمني التجارة وكيف أصرف المال على الأشياء المناسبة، كيفَ أستثمرُ ديناراً لأربح مليون، لقد قام بعدوتي حتى عشقتُ اللعبة، تعلّمتُ منه الحرفة على أصولها و عندما أفلسَ (خلعته).

زوجي الخامس علّمتُه الطبخ، والتصويب، وشرحتُ له الفلسفة والأديان، ثمّ علّمته فنيات التجارة، وعندما تعلّم كل شيء، تركني ليعلّم امرأة أخرى كل ما علّمتُه له! تركتُ ليلة أمس قنبلة في بيته لكني سمعتُ دوّي إنفجارها في قلبي.


* قاصة وروائية جزائرية صدر لها قبل مدة مجموعة قصصية بعنوان "الدخلاء" ...
 

ليست هناك تعليقات