كتب العنطوز بن ورقة إلى ولده طمبوز بن العنطوز يقول: كان يا ما كان، في قديم الزمان، فتاة من لبنان، برعت في التزحلق بين القمم والوديان، وب...
كتب العنطوز بن ورقة
إلى ولده طمبوز بن العنطوز يقول: كان يا ما كان، في قديم الزمان، فتاة من لبنان، برعت
في التزحلق بين القمم والوديان، وبزّت في النطنطة البطل جاكي تشان، كانت الفتاة تحمل
أيضا إسم جاكي، وهي – إلى التزحلق – من هواة السوشي والساكي، قالت جاكي لصديقتها ذات
يوم، هيا بنا إلى فاريا، مع شلة من الشبان والصبايا، لنتصور على الثلج زلطانا وعرايا،
فاستهولت صديقتها الخبر، ورجت من جاكي أن تعيد النظر، لا لتحفظ على مبدأ الفكرة، ولا
لتهرب من إغراء السكرة، بل ساورها قلق على جاكي أن تأكل – فيما تأكل – لفحة هواء، تقعدها
الفراش وتحوجها الدواء، وتعطل عليهما سهرة المساء، لكن جاكي الغزالة ضحكت بابتهاج،
وأنكرت على صديقتها التردد والإصطهاج، وطمأنتها أن الشاليه مزود بالشوفاج، والغروب
ما حدا فيهم سوفاج، وذكرتها أن هواء فاريا يعبق بالحضارة، ويتقبل العري العلني بفخر
وجدارة، فاقتنعت صديقتها بمنطقها الصائب، وانضمت إليها في عرض المواهب، إذ لا تثريب
في الأمر ولا عواقب، ونال المصوّر – فيما نال – زوجا آخر من النهد الكاعب، وكان ما
كان من أمر الروزنامة، وجرى التزليط والتصوير بخير وسلامة، إلى أن تسربت الصور بقدرة
قادر، واشرأبت الأعناق نحو المناظر، وانفلت الكلام من كل أديب وفاجر، وكما يحدث دوما
في لبنان، إختلط اللحم بالعسل وبالشوفان، وأفتى في الأمر القرود والغربان، وأرعدت العواصف
في فنجان، ولم ينفع إعتذار فوري من الصبية، في تهدئة الخواطر ولملمة القضية، ومما زاد
الطين بلة، في أكثر من جريدة ومجلة، مبالغة أهل البيان، في تبجيل حرية الجسد العريان،
ومدحه وكأنه النصر المبان، بل حث بعضهم جاكي على المثابرة والصمود، وعلى الإمعان في
خلع الثياب بلا قيود، وكأنها اخترعت دواء للسرطان، أو علاجا يعيد النظر إلى العميان،
وكأن التعري التجاري محمود ومباح، وعلينا التهليل له بمحبة وانشراح، واندفع البعض في
مبادرة فايسبوكية،ِ يستعرضون فيها مؤخراتهم البهية، وكأننا نشتهيها صبحا وعشية، وكأن
ليس في الأمر فرية ولا أذية، واستدعي إلى عري جاكي الوضع العام، ونوقشت على ضوئه قضايا
العنف والإجرام، فهل يرد على اهتراء السياسيين بتعري الناس العاديين؟ وهل يكافح العنف
الأسري، إذا ما قبلنا العري العلني؟ ثم، ما دخل طز بمرحبا، وما دخل الفورينوار بالشوربا؟
وهل يواجه الطيش وسوء التقدير، بغير النصح بحسن التدبير؟ تكأكأ القوم على طيش صبية،
ورفعوه إلى مستوى القضية، فما لم يكن خلع السوتيان حسنة لوجه الله، أو وصفة مجانية
للتقوية على الباه، فثمة من دفع ليصوّر، وثمة من قبض وتعرى غير متبصر، فإذا لم تستح
من تلقاء نفسها الفتاة، فلتفعل ما تشاء في الروزنامات، وهي لن تعدم من يطبل لها ويزمر،
وكأن تسليع الجسد فيه ما يحرر.
تنشر بالاتفاق مع الكاتب..
ليست هناك تعليقات