Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

"الضجيج في الشارع أفقدني الرغبة" نص لميرا صيداوي

سأخرج من منزلي هذا الصباح أيضا. سأدخل المصعد لتنتابني نوبة السعال المعتادة.. أنا لست بخير. ولست وحيداً. فالسماء مريضةٌ أيضاً.. والبيت مر...

سأخرج من منزلي هذا الصباح أيضا. سأدخل المصعد لتنتابني نوبة السعال المعتادة.. أنا لست بخير. ولست وحيداً. فالسماء مريضةٌ أيضاً.. والبيت مريض والسيارة تعاني من مرض طويل. طيرٌ يحوم حول جثة أحد الاصدقاء. الضجيج في الشارع أفقدني الرغبة بدفنه. العرس في الشارع المقابل مضحك للغاية. الوجوه عارمة بالكثير من السعادة المريضة أيضا.الكحول في كل مكان وأصوات الذباب فوق الاطعمة تصيبني بالغثيان. من هي تلك المرأة العجوز في مناماتي أسأل؟هل المنام غيب الحياة أم صحوها؟. هل في الصباح أستطيع أن أعدّ أنفاسي. تماما مثلما أطبق عيناي لأتذكر الحلم.. ما الموت أسأل؟ في جيبي هاتفٌ مريض أيضاً. وحبٌ مريض. ورحلة من المسافات عليّ قطعها. هل تتغير الحياة لو بقيت في غرفة واحدة؟ أحاول البحث في جمجتي المريضة عن ورم ما. عن مرض وراثي أحمق. لا شيء ولكنني لست بخير. سأشتري بعض الثياب ومساحيق التجميل. وقد أعلّق كل علاقاتي في الخزانة وأرتدي الثياب..سأحاول أيضاً الاكثار من الطعام. من الحركة. من النظر الى الاشياء المريضة مبتسماً.. لا شيء. لن يقف العالم أثناء وقوفي في غرفتي الحقيرة هذه. لن يقف أحد. ولن يجلس أحد ولا حتى من أحبهم. الحب لا يقع عندما تسقط أنت وتتعثر وتتدخل في غيبوبة بطيئة من الاحتضار. حديث طويل مع جارتي الشقراء أنساني رغبتي بالخروج من المنزل مرة ثانية. حدثتني عن طفلها الشقيّ. وخفت. اختفيت بين كلماتها باحثة عن شي ما أحدثها به. بحثت عن عملي المتعب، عن علاقة عشق ممنوعة، بحثت عن حساسية الجديدة اتجاه الاحصنة. قلت سأخبرها عن طعامي المفضل، أو عن أغنيتي المفضلة... لا شئ لم أستطع.. الحديث عن طفلها أخافني..فأجهضتُ أنا كل الكلمات ..كل الافعال وتغطيت بشرشف أبيض..قلت سأتركها مع جسدي قرب الباب تخبره كل الاشياء وسأذهب انا الى السرير حيث الغطاء ينتظرني. نمت في سريري مطولاً. ولم أعرف ان كنت أمارس النوم أو لعبة الاختفاء. كم أنا قبيحة هذا اليوم أيضاً..الثياب على جسدي تذكرني بأبي. يترك ثيابه على جلده ويقول: "الثياب على الجلد تصير هي الجلد"..أضعت جلدي هذا كل ما في الامر..غيّرت جلدي واختفيت. والمراءة تفضحني. وطقطقة حذاء المرأة الحمراء على الدرج أيضا. كل شئ يفضح رغبتي الحاضرة للاستسلام. لقد ولدت من موروث مستعد للاستسلام أصلاً. الأم تكثر من الحلم والأب فقد الحلم..مزيج من الاثنين مخيف في داخلي..وماذا أريد؟ لا شيء... لا أريد شيئاً. تناولت أدويتي، سأكون بخير. وسأنظف منزلي الصغير أيضاً. وأنظف أسناني وأخرج. الى الشمس. الى البحر. الى القمر. قد أحاول البحث عن الموت هناك..ففي البحث عن الموت رغبة هائجة. متعة.
تماما كممارسة الجنس .

ميرا صيداوي - فلسطينية مقيمة في لبنان
عن الفايسبوك

ليست هناك تعليقات