Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

حسين الموزاني... يا زمان الفاكهاني

عندما عدت إلى بيروت بعد ثلاثين عاماً من الغياب مررت بمحلة الفاكهاني وصوّرت الأماكن التي كنّا نلتقي بها آنذاك نحن العرب المتمردون والثوّا...

عندما عدت إلى بيروت بعد ثلاثين عاماً من الغياب مررت بمحلة الفاكهاني وصوّرت الأماكن التي كنّا نلتقي بها آنذاك نحن العرب المتمردون والثوّار اليساريون الغاضبون على أنظمتهم الفاسدة والعملية والجبانة. وكانت كنافة أبي علي في شارع أحمد الطيبي بمحلة الفاكهاني، والتي تحولت اليوم إلى محل لبيع السكاكر، من الأماكن المفضلة لدينا إلى جانب مقهى أم نبيل وتوليدو، حيث كان عدد كبير من الكتّاب والأدباء المهمشون والمقطوعون يلتقون كلّ يوم تقريباً، وحيث تأسست مجلة "رصيف ٨١" بمبادرة من رسمي أبو علي، ليس صاحب الكنافة، بل الكاتب والقاص الرائع، وعلي فودة وآدم حاتم وغيلان وغيرهم. وكنت قد غادرت بيروت قبل صدور المجلة ببضعة شهور. لكنني أردت التحدث هنا عن حادثة طريفة تتعلق بالشاعر غيلان ربما ذكرتها ذات مرّة. كان غيلان يحمل آنذاك رمّانة يدوية، وكانت الرمّانة من أرخص الأسلحة في لبنان، بل كانت توّزع مجاناً. وكان المقاتل يحمل بندقية رشاشة عادةً أما المناضل، وهو العامل في المجالات المدنية، فكان يحمل مسدساً. لكنني لم أحمل سلاحاً في بيروت وكنت من ألد أعداء الحرب الأهلية اللبنانية والاقتتالات الداخلية العربية ومازالت إلى يومنا هذا. فكان غيلان يلوّح بالرمانة اليدوية في كلّ مكان، وهدد ذات مرّة سعدي يوسف بأن يقذفه بقنبلته الشخصية تلك. فما كان من رجال أمن "فتح" إلا وأمسكوا بغيلان وأودعوه السجن بعد أن صادروا أمواله المنقولة وغير المنقولة والتي كانت عبارة عن حزام جلد. على أية حال جلس غيلان الذي وصفه صادق أحمد، وهو من كتاب الرصيف، وصفه بلهجته العراقية الجنوبية بأنه كان "يهفّج من ديرة لديرة والذبان يغوغي على حلكه!" وذلك لأنه كان واسع الفم ومزبده، المهم جلس غيلان وفرش أوراقه السوداء من فرط القذارة على طاولة المرمر البيضاء في كنافة أبي علي،والذي كان رجلاً نظيفاً ومهذّباً ولطيفاً. وبعدما يأس من غيلان الذي لم يطلب شيئاً حلواً أو مرّاً طيلة ساعات، خاطبه بهدوء شديد: "شو خيي غيلان؟ دخلك عوّقت معاك القصيدي؟!"

 عن الفايسبوك

ليست هناك تعليقات