من الممكن ان لا يعلم الكثير عني. . . و من يعلم عني لا يعلم انني ادعى ( محمد الحجيري ). و حتى الذين يعلمون اسمي فهم يعتقدون انني لم اسكن ...
من الممكن ان لا
يعلم الكثير عني... و من يعلم عني لا يعلم انني ادعى ( محمد الحجيري ). و حتى الذين يعلمون
اسمي فهم يعتقدون انني لم اسكن قط في عرسال، مع انني لم انتقل للعيش في بلدة اللبوة
المجاورة الا عندما بلغت السابعة عشر، و قبلها كنت اسكن في ساحة عرسال واعرف كل الاشخاص
في بلدتي... بدأت مسيرتي مع الراب كهواية قد لا تكون الكافية لتفريغ هذا الحماس الذي
كان يتلاشى كل ما كبرنا يوماً بعد يوم، وعلمنا اننا منطقة محاذية لمجرة اخرى ولسنا
ابدا في لبنان او الاقليم!
كنت اسمع فن الراب
منذ صغري، لم اكن اسمع الراب اللبناني المعروف بال (
freestyle ) الذي
لا يهوى سوى الشتم والتكبر، ولكنني كنت اسمع الراب الحقيقي، فرقتي التي كانت ملهمتي
هي فرقة سورية من مدينة حمص كانت تدعى Big mic وكانت تغني ضد الظلم، والفساد، والاستبداد،
والعنصرية، والقهر...الخ وبعد ان تعرفت على افرادها في حمص وكنت في الرابعة عشر، واخبروني
عن مدى الظلم الذي يعانوه من الدولة بكونهم يغنون ضد بعض اشكال الفساد، تحمست لاكون
شخصا من هؤلاء المناضلين بالكلمة، ولم يعد الراب مجرد هواية للاستماع، بل واصبح سيفا
اقاتل به كل فاسد.
بدأت في منطقة شبه
خالية من الراب، وسجلت اغان مع اصدقاء لي تأثروا بافكاري التي اقتبستها عن غيري، وكان
ذلكٍ في بداية طريقي عام 2010، على مايكروفون عادي للتخابر على النت، ثم بدأت اتجه
نحو الغناء بلهجة اخرى، لهجة فلسطينية، وسورية، خصوصا بعد لقائي رابر فلسطيني مشهور
يدعى "اسلوب- كتيبة 5"، وتعرفي على بعض الرابر السوريين المناضلين.
انطلاقتي وحماسي
منذ بدايتي جعل بعضا من اصدقائي ينحون منحاي، وهم من اللبوة ورأس بعلبك، (شيعة ومسيحيون)،
وجعلنا كلنا في خندق واحد، نغني على قضايا واحدة، نكره الدولة لاهمالها لنا، ونكره
السياسيين لما اودونا اليه، ونحارب فاسدا كائنا من كان. حاربنا كل السياسيين، وكانت
اغنية "لبنان ضلك صامد" عام 2012 خير دليل على قولنا، ففي الكورس قلنا "نصيحة
للجمهور كبو وراكن السياسيي، حركة حزب تيار قوات يابا بعث و شيوعيي" وبها كلام
اكبر واكبر.. ولم ندعم اي طرف كان ابدا!اكتشفت بعد فترة من حماسي طالت 3 سنوات اننا
لم نصنع شيئاً، فأصواتنا لم تصل، قد صفقت الناس لنا على المسارح، و قال بعضهم "يا
لهم من شباب واعٍ!" ولكنهم لم يفهموا ابدا اننا لسنا كسوانا من الرابرز، نحن لم
نبحث عن شهرة، ولو بحثنا عنها لكان سهلا ان نغني اغنية واحدة لبلدة او لشخص معين، ولكانت
كل هذه الناس سمعتها و تناقلتها.. ولكننا غنينا عن الاخوة، والوحدة الوطنية، وكنا نغني
في الاغنية نفسها (سنيا وشيعيا ومسيحيا)، غنينا عن فلسطين، عن الفتنة، عن مستقبل مظلم
ينتظرنا، عن حروب وقتل وذبح، غنينا عن ذلك قبل ان تبدو ملامحه عام 2012، غنينا عن ذلك
قبل ان تبدأ التفجيرات و الصواريخ تنهمر على بلدنا.. و لكن حتى اليوم، لم يسمعنا احد..
قد تجدون اغانينا على موقع اليوتيوب و لا يزيد عدد مشاهداتها عن ال 200! ربما فقدنا
الامل، او اننا حقا اصبحنا في وقت لا تنفع فيه اغنية الراب امام الصاروخ و الديناميت!
لقد توقف معظمنا
عن الغناء، ولكنني لا زلت احاول ان اغني كل سنة اغنية، وأحاول دعم بعض الاشخاص الذين
اشعر انهم مثلنا، فنحن لم نجد احدا يدعمنا، ولا احدا يساعدنا تقنيا، او بخبرته، و فشلنا
كثيرا بسبب ذلك، فلذلك لا زلت اكتب لبعض الرابرز الصاعدين و اساعدهم من خلال علاقاتي
بباقي الرابرز، ولكنني اعلم تمام العلم انه سينصعقون يوما!و اختصر كل ما سبق، باننا
حاولنا جاهدين ان نوصل فكرة للناس، فكرة تقول "تداركوا السيئ لكي لا يقع الاسوأ".
وها قد وقع الاسوأ، ونحن اليوم، انا في وارسو، وأصدقائي يقومون بتجهيز انفسهم ليأتوا
الى هنا السنة القادمة، تاركين ورائنا جدرانا كنا قد كتبنا عليها "خلص زهقنا بكفي
طائفية"، فلربما نعود مجددا من وارسو، لنغني لعرسال، و للبوة، وللبقاع، و للبنان
الجريح. ولكن من وارسو. ولا يسعنا اليوم سوى العض على الجراح لاننا نرى صورة اخرى خرافية
لبلداتنا، عرسال واللبوة، واي بلدة كانت، صور تتسم بالرعب، كأننا نحن وحوش و قتلة!
وارسو - محمد هاني
الحجيري... الملقب "أم سي كابتن"
خاص "الرومي"
ليست هناك تعليقات