من الصعب أيجاد كلمة لوصف أمّ فقدت أطفالها الخمسة في مجزرة عرسال، كان لديها 5 براعم سقطوا ...
من الصعب أيجاد كلمة لوصف أمّ فقدت أطفالها الخمسة في مجزرة عرسال، كان لديها 5 براعم سقطوا من غمضة عين، كانوا يعلبون على عتبة الدار فآتتهم صواريخ الموت وحصدت أرواحهم دفعة واحدة، كانوا يحلمون ويفرحون تحت الشمس، فأتتهم الصواريخ وحولتهم ارواحاً ممزقة، كانوا يعيشون حياتهم اليومية فحولتهم الصواريخ خبراً عاجلاً، سرقت أرواحهم في عمر الورود... هذا المشهد في بلدة لبنانية حدودية يعبّر بوضوح عن ما يجري من محيط لبنان من توحش ومجازر تعيدنا إلى زمن القرون الوسطى. ما ذنب هؤلاء الأطفال، وما ذنب اهلهم وما ذنب بلدتهم، وما ذنب بلدهم كله.
مشهد الأم (الخنساء) ربما هو مشهد لبنان وسوريا البلدين اللذين يعدان القتلى يومياً، ستبقى الأم لسنوات تعيش في ألم الموت والفراق، هي تعيش الموت "بجرعات كبيرة" في زمن بات لبنان يعيش يمكن وصفها بـ"أيام القتل العادي"، لقد جعلت سياسة التهور التي يقودها البعض في لبنان القتل امراً عاديا واطلاق الصواريخ على لبنان أمر عادياً والعمليات الانتحارية امراً عادياً.
القضية ليست في أن الأم (الخنساء) فقدت اطفالها الخمسة فحسب، بل في الخوف من أن يتحول لبنان كله الى خنساء. لقد خسرنا في الحرب الأهلية (1975 -1990) عشرات الآف القتلى والمفقودين والمخطوفين، وبسبب جموح المحاور الاقليمية في محاولة الهيمنة على المنطقة يمكن ان "نروح سلاطة".
القضية الآن ليست في الاستنكارات والإدانات والتصاريح الجوفاء، فهذه الأمور تعودنا عليها في كل مناسبة، ما حصل في عرسال من خلال تعرضها لغزوة الصواريخ، أو ما حصل في حوادث أخرى (لا مجال لذكرها الأن)، يشير بوضوح إلى هشاشة الدولة اللبنانية ورتابة أمنها وغياب المسؤولية، أو أن الدولة في مكان آخر، ويقتصر دورها على اصدار البيانات، وأحيانا اغاثات أولية من هنا وهناك، أحيانا افتعال بيانات غض الطلب.
القضية الآن في تحديد المسؤولية عن ما حصل وليس المعمعة والقول على القول ان الصواريخ أطلقت من الجهة السورية، هناك تقصد في ابقاء منطقة عرسال وجوارها مفتوحة على النزاع مع سوريا، مسافة عشرات الكيلومترات المفتوحة والسائبة بلا حسيب أو رقيب، ثم يأتي للتنظير عن المسؤولية التي تقع على أهالي عرسال، والنافل أنه في عز الوصاية السورية لم تضبط الحودد اللبنانية السورية. ولا ندري أي وصف سيقوله وزير خارجيتنا للصواريخ على عرسال، بعدما وصف الطيران السوري الذي قصف عرسال قبل مدة بأنه طيران شقيق.
وعدا عن ذلك فبعض الاعلام اللبناني "الممانع" قتل الضحايا مرتين، في المرة الأولى لأن لديه فكرة جاهزة أو اسطوانه عن عرسال يريد أن يقولها، وهي ان عرسال ممرا للموت وتأوي ارهابيين، وفي المرة الثانية أن هذا الاعلام الجامح تصرف كأن شيئاً لم يحصل في تلك البلدة بعد سقوط تسعة قتلى جراء اطلاق الصواريخ.
الرومي
ليست هناك تعليقات