أتأمل فاتورة خيالية لما صرفت من الكهرباء لأنير دربي. المشكلة ليست هو. المشكلة ليست هم... المشكلة ليست أنا وما صنعته يداي بمن حولي. الحيا...
أتأمل فاتورة خيالية لما صرفت من الكهرباء لأنير دربي. المشكلة ليست هو. المشكلة ليست هم... المشكلة ليست أنا وما صنعته يداي بمن حولي. الحياة فارغة ولكن ما أراه ليس وهماً، ولا عبثاً، وليس كما ظننته دوماً. أمي لم تختر جنينها، ولا لحظة حملها، عندما رأتني إشمأزت من الدم والشحم المتخثر على وجهي. داعبتني رغماً عنها لتغفر لي الألم الذي عانته، وما زلتُ أعانيه. الأضواء ما زالت بعيدة جداً جداً.. وأنا ما زلت حيث أنا، أخاف الخروج، أخاف رفع بصري قيد أنملة، أخاف أن يكون كل عالمي متخيل.
سأهدم السقف، والسقف الذي يليه، حتى أصل إلى السماء، إلى كائنات تتقبل وجودي. فلتغادرني روحي، تطير مع كل كائن فقد أكثر من جناحين.
لم أعد احتمل السقوط. الشمس لا تتعب. تفضح أمري بظهورها المتكرر وأسئلتها المعقدة. تسويات سببت لي آلاماً في اللغة.
أنا الآن هنا، في هذا المكان، أجدني مضطرة دائماً لاستعادة شريط على شكل كائنات رعوية فارغة. فاجأتني حياتي والإعلانات الرخيصة. وثائقيات تميز الفطرة عن السلوك. لدي ما يكفيني من الخبز والخمور الرديئة
لأطعم كلابي فتصبح لطيفة.
دائمة السعي لحجب الرؤية. يداي تتحركان لأمور عديدة.. أغلبها تعرفونها. أضواء ملوثة، انعكاس وهمي في الماء.
الجثة ملفوفة بأخبار جرائد قديمة. فائض أحداث كيس نفايات. أيتها الجثة... ارخي خصلات شعرك، اخلعي نظاراتك، اغلقي فمك... لستُ مستعدة بعد لأحبكِ، فلهذه القضبان ذات الرائحة، ذات المقياس، ذات الفعل. الغبار غير قادر على طمركِ. عالمك يتناسل. لن تتقبلي أية وضعية هجينة، تتماهين فقط مع المكان، ترتهنين لجرائمي. تنتظرين موعداً علّكِ تأتين. لَيْتهم يدعونني أنا، سأقبل ولن أتي. وهم يعرفون هذا تماماً، يعرفون بأنني لست خائفة من المجيء، أنما منشغلة بالنظر إليه.. وإليهم.
وإنْ أتيت، عن ماذا أكلمهم؟ بأي يد سوف أحييهم؟ كيف أفسر بأنني أستطيع ولكنني خائفة.. وهو لن يفهم.
أدق البلاط. أحفر. جبيني يتصبب أرقاً. أحفر. يداي تنزفان. أحفر. لا رغبة لي بنبش أيام ماضية، الكل حسب أنها لن تعود.
ـ ما الذي مات فيَّ أولاً؟
ـ (...): متِّ كلكِ ولم تنتقلي بعد، لوحة مائية تعتنقها الهياكل المغلفة باللحم. أنثى بثياب بيضاء وشعر مسدول كالكفن. عبثاً تحاولين تقييم أفعالك.. يداك تعجزان عن التصفيق لكِ.
ـ (...) ـ كيف اقترفتِ كل هذا؟!.
(*) كاتبة لبنانية صدر لها قبل أيام "أنا حالة مستعصية" عن دار الجمل، والنص هنا من كتاب يصدر قريبا.
ليست هناك تعليقات